يوم غائم في البر الغربي

نقد رواية يوم غائم في البر الغربي

مقدمه

نبذة عن الكاتب والناقل

يتميز الكاتب محمد المنسي قنديل بالأسلوب السهل الممتنع فهو يكتب بعينه فتقرأ كأنك ترى كما انه من مؤمني اعادة كتابة التراث باسلوب عصري

حصل على العديد من الجوائز منها جائزة الدوله التشجيعيه له اعمال سنيمائية كفيلم ايس كريم في جليم بطوله عمرو دياب واخراج خيري بشاره

ورغم معرفتي السابقة بأعمال الكاتب الا ان الفرصة لم تواتيني بقراءة أي من اعماله الى ان وقعت عيني على هذة الرواية ( والتي تم انتاجها فيما بعد كعمل درامي ) الأمر الذي اتاح لي فرصة قرائتها والتعرف على الكاتب عن قرب

بعد قراءة الروايه نستخلص منها الأتي :ـ

*كاتبنا يسلط الضوء على الجانب الجنسي الغريزي في قصته فيستهل روايته بمشهد المراكبي وهو يحتضن البطله عائشة وهي فتاه صغيرة مستغلا

فرصة ضعفها واعيائها ليضمه الى صدرة اعجابا بها ولهفة عليها

*كما انه يبين ان خير وسائل الأقناع هي الماده ويتمثل هذا فيما فعلته ام عائشة من اِقناع المراكبي بالنزول والابحار في الماء في ظروف غير

مناسبه بواسطه مبلغ من المال كان له قيمة انذاك


*يؤخذ على كاتبنا تصويرة لذئب يطارد بطله القصة حتى نهايتها ولم يحدد ماهية هذا الذئب اهو شيطان ام حارس كما ان الكاتب قد شطح الى غير

قريب حينما برر ذهاب ام عائشة الى الوشام لتشم لها صليبا وتتظاهر بتغيير الديانه كي تبعد ابنتها عن عمها (عمران) ذو الأخلاق الفاسدة وارى

ان تغيير الديانه هو كالمستغيث من الرمضاء بالنار ولكن كاتبنا يرى فيه الملاذ.

*يدخل بنا الكاتب الى دير نرى فيه من الأحداث العجب العجاب فبعد ان قررت ام عائشة ان تانم امام بوابة الدير لرفض الحارس دخولهما الا انهن

نجحتا في الدخول اخيرا.......

وهنا نجد ان حارس الدير وأسمه ( رزق) مسلم لعل الكاتب يشير الى سماحه اخلاق المصريين وعدم الفرقه بينهم فلا ضير من حراسة مسلم

لكنيسة. ومنذ بداية دخولنا نهيب المكان من وصف الكاتب ونحاول ان نكون داخل نطاق هادئ فنحن في دار للعباده ، ولكن يتضح لنا ان هذا المبني

يحوي عقد الزمان التي تمثلت في اشخاص فمثلا...

نرى الأم الرئيسه وهي شخصية صارمة وغامضة تمسك بزمام الأمور جمعاء ثم تأتي..

الأخت (مرجريت ) وهي ابنة اسرة ثرية وهبت نفسها للمسيح وترهبنت واعتزلت متع الحياة وقد اسرف الكاتب في وصف مفاتنها وجمالها الا انها

تمارس الرزيله مع رزق الحارس بحجة انه مسيحها ومخلصها لأنه انقذها من غرق الفيضان وقد لقي رزق حتفه بسبب فعلته وهي لم تحرك ساكنا وعادت الى بلادها بعد محاولة فاشلة للانتحار

*كمان ان الكاتب يبحث ويتفنن في ايجاد طرق اذلال بطلة الروايه ففي بداية الروايه يتحرش بها عمها الغير شقيق ثم تشم امها لها صليبا بطريق وحشية يسبب لها اعياء ثم تدخل الكنسية بعد توسل وبعد ان كانت كاتمة اسرار مرجريت وطبعا كلها اسرار تكتم على ممارسة الرزيلة مع رزق ثم

تطرد من الكنيسة جراء ذلك . ويموت رزق وترحل مرجريت

اشار الكاتب الى وجود بيوت ممارسة البغاء في ذلك العصر متمثلا في البار الذي دخلته مرجريت وهي الراهبة المحتشمة مع عائشة او ماري كما

كانوا يطلقون عليها في الكنسية ورزق الخارس الذي ارتبطت به بعلاقة أثمة لطلب الطعام .


*التناقض الذي ساقه كاتبنا لهو امر غريب

- مرجريت تهب نفسها للرب وتزني تعلم بأن عائشة مسلمه وتخفي تترهبن في الكنيسة وتقول عليها مكان ملعون

تحب رزق وتتركه يموت .

والبقية تتبع ...........

الجزء الثالث

*الـسيدة عائشـــــــــــــــــــــــــة*

تتحول عائشة تحول غريب فتقوم بالذهاب إلى جريدة اللواء للعمل هناك تاركة قصر اللورد كرومر بعدما أحست بضعف اللورد وتمرد جميع

المحيطين به عليه وأولهم هوارد كارتر الذي قدم استقالتهم للورد بطريقة غير لائقة. وزوجته الليدي كاترين التي تركت مصر بعد مظاهرات مناوئة

للورد على خلفية احداث دنشواي.


*تذهب عائشة لجريدة اللواء وتقابل ( عبد الرحمن أفندي الرافعي) وقد سبق لهما لقاء في مؤتمر صحفي في قصر اللورد كرومر ، يساعدها عبد

الرحمن أفندي في إيجاد سكن مؤقت في احد الفنادق ولا يفوت الكاتب فرصة سرد ان غالبية مقيمي تلك الفنادق من بائعات الهوى والأرتستات

و....

ثم يأتي دور (مختار) وهو الشاب المصري الذي تعرفت عليه عائشة في جريدة اللواء وكان يعمل رساما ونحاتا ويساعدها في إيجاد فرصة للأقامه

عند ( أم عباس) التي عاملتها كابنة لها . الغريب أن عائشة وقعت في حب مختار مثله مثل من قابلت في حياتها فنرى أنها أحبت كارتر قبل ذلك

رغم اختلاف الدين والنشأة لكليهما .


تقوم ام عباس بدور سفير الغرام وقد حرصت أن تنتهي قصة عائشة ومختار بالزواج وهو ما فشلت فيه . هنا يتكرر مشهد نراه دوما يحرص كاتبنا

على إدراجه في كل موضع وهو وجود فتاه عارية عند مختار وهو ما يثير غضب عائشة التي انفجرت غضبا بمجرد رؤية تلك الفتاه عند حبيبها أو

زوج المستقبل ولكن يتضح في النهاية أن مختار يقوم بنحت تمثال لامرأة عارية يقدمه كمشروع في كليه الفنون ومن الجدير بالذكر أن هذه المرأة

العارية هي (نبوية المستحية) وتعمل في احد بيوت البغاء واسمه ( وش البركة) وسيكون لها دور كبير فيما بعد.


يختار الزعيم مصطفي كامل عائشة كي تشهد معه لحظة رحيل اللورد كرومر عن مصر ويتبع رحيل اللورد وفاة الزعيم الذي كان سببا في انتكاسة

في القضية الوطنية وغلق جريدة اللواء. يدخل مختار المعتقل بعد اعتقاله في مظاهرة كانت عائشة قد شاركت فيها وسبب وجود مختار هو حماية

عائشة وكي يبشرها انه قد ذهب إلى نجع بني خلف طالبا يدها من أمها ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن واعتقل مختار وغادر بعدها البلاد

تاركا ورائه عائشة (وهذا مظهر أخر من مظاهر الذل التي عاشتها عائشة فكلما بدأت حياتها في الاستقرار انهارت رأسا على عقب )

كما يشير كاتبنا إلى مظاهر التصوف والتبرك بالمقامات في ذهاب نبوية المستحية إلى ضريح السيدة عائشة ومعها عائشة.


* نجــــــــــــــــــع بني خلف*

هنا يأتي عمران العم الغير شقيق لعائشة في بيت أم عباس ويخبرها أن أمها تعاني شدة المرض وهي على مشارف الموت وطلبها الأخير رؤية

ابنتها فتذهب عائشة معه بعد تردد .

وهنا أسرف كاتبنا أكثر من اللازم في وصف اغتصاب عمران لعائشة وكيف كان يهوى أن يراها تأكل عارية تماما وكيف كان مبدأه في معاملتها

(جوع كلبك يتبعك) كاتبنا هنا يستخدم جل أدواته في وصف الاغتصاب لعائشة من عمها الذي تحول فيما بعد إلى رغبه من عائشة وإلحاح على هذا

الشيء من عمران والجدير بالذكر أن الكاتب يصف الحركات والسكنات وكأنه يراهم ويتفنن في الوصف التفصيلي لتلك العملية كما فعل في وصف

بائعة الهوى مع كارتر (لا اعلم سر إعجاب وتركيز كاتبنا على تلك المشاهد ولما يجعل من أبطال روايته فجرة ومنحلين ولا أخلاق لهم تحركهم

الشهوات).

والغير متوقع في الموضوع أن من خلص عائشة من عمران هي الذئاب التي افترسته وقتلته مما ساعد عائشة على الهرب والذهاب إلى وش

البركة!!


*وش البركــــــــــــــــــــة*


يسرد الكاتب الوصف التفصيلي للحياة في هذا البيت وعلى الرغم انه بيت للبغاء إلا أن له نظام فرئيسة البيت هي (العايقة) وكان بيدها مقاليد العمل

من حيث توزيع المومسات على الزبائن. ويبين الكاتب أن كل يوم في هذا البيت له مرتاديه وزبائنه فهناك يوم للإنجليز ويوم أخر للفتوات ويوم

للموظفين وأخر للطلبة (ياله من نظام داخل ماخور)

لم تذهب عائشة إلى أم عباس لأنها شعرت أنها تحمل بين ضلوعها خطيئة أبت الظروف إلا وأنت تترك لها ذكرى أليمة وذهبت إلى وش البركة

واستقبلتها نبوية المستحية عدوة الأمس صديقة اليوم وعلمت بما حدث لها وتوسطت إلى العايقة التي سمحت لها بالمكوث في البيت نرى في هذا

البيت امرأة مخيفة اسمها (أم زغلول ) وكانت وظيفتها عمليات الإجهاض للعاملات في الدار وقد قامت بعملية إجهاض لعائشة التي حملت من عمها

عمران وسرد الكاتب طريقتين لذلك.


عملت عائشة في البيت مترجمة للضيوف الإنجليز وبعد ذلك تركت عائشة البيت بعد مشادة قامت فيما بين الفتوات والإنجليز احترق البيت على

أثرها.
يظهر هوارد كاتر مره أخرى حينما حاول المتظاهرون المصريون الفتك به في الشارع فأنقذته عائشة من موت محقق


وأخذته إلى وش البركة كي تداوي جرحه وحكى لها ما مر به من ظروف صعبه وإقامته في بيت عدوه اللدود عبد الرسول مبررا لها إقامتها في

بيت مشبوه


* طيبــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة *


تذهب عائشة مع هوارد إلى الأقصر وتراقب كم أصبح قريبا من المصريين وله خبرة في فحص الآثار ومعرفة الأصلي من المقلد وأيضا العداء

الذي تفحل بينه وبين عبد الرسول بعدما امتهن هوارد التنقيب عن الآثار تعيش عائشة مع هوارد كارتر في بيته (ونعم الأخلاق )الذي احضر حجارة

بناءه من الخارج خصيصا لبناء هذا البيت كما أدرج الكاتب كم المحاولات الفاشلة للتنقيب لهوارد وغيرة.


*تل العمــــــــــــــــــــــــــارنة *


* يتكلم الكاتب هنا عن حياة الفرعون المارق (على حد وصفه) (اخناتون) وكعادة كاتبنا يستهل هذا الفصل بمشهد للفرعون المارق وهو عار يتعبد

للشمس. كما يبين الكاتب الفرعون اخناتون مشوه الخلقة منفوخ البطن مقوس الأرجل


وكيف كان أبوه الفرعون أمنحتب العظيم الذي أذل الحيثيين والنوبيين وكيف كانت والدته ألملكه (تي) شرسة لدرجة أن حراس القصر كانوا يظنون

أنها تتحول ليلا إلى ذئبه جائعة كما أن الكاتب يصور اخناتون جبانا لا يقوى على حماية نفسه من ذئاب الغابة الذي تكفل بإنقاذه منها (حور محب)

الذي سينقلب عليه لاحقا ويأتي مدينته غازيا بسبب كراهية اخناتون للحرب واختلافهما على ذلك.


يتمادى الكاتب في تصوير اخناتون شخصا جبانا يرحل إلى طيبه متخفيا ذليلا دون أن يتدبر أمر جيشه في خروجه للحرب ،ولكن كهنة طيبة قد

علموا بوجوده عن طريق إحدى العاهرات (والملفت أن هذه العاهرة من أشراف القوم )التي تعرفت عليه في الحانة في عيد النسيء الذي يبيح لهم

فعل كل المنكرات والفواحش وطبعا لم ينسى كاتبنا ذكر أكثر من مشهد جنسي يصاحب وجود امرأة مع اخناتون.

ذكر الكاتب لحظة لقاء اخناتون بوالدته الملكة تي وهي على مشارف الموت وكالعادة تأخذ الملكة تي نصيبها من التوصيف الجنسي الذي انتهجه

المؤلف طوال الرواية فيقول على لسان اخناتون مبررا كراهيته آمون وعبادته لأتون اله الشمس انه قد رأي أمه الملكة زوجة الفرعون العظيم

أمنحتب وهي تمارس طقسا دينيا يتمثل في مضاجعة الملكة لكبير الكهنة الذي يرتدي قناع على هيئة كبش وطبعا لا يفوت الكاتب الفرصة في ذكر

الوصف التمثيلي الدقيق لهذا المشهد الجدير بالذكر أن جميع نساء الأشراف فعلن ذلك مع باقي الكهنة بمعنى أن كاتبنا لم يترك سيدة واحده في

الرواية إلا وجعلها مومسا ممارسة للبغاء ماعدا أم عباس لكبر سنها وأم عائشة لوفاتها.


هرب اخناتون من بطش الكهنة تاركا أمه تواجه الموت وقد ساعده على الهرب وزير قصر أمه والعبد (كا) الذي كان مدفونا حيا مع سيده في مقبرة

خاصة وفي رحلة العودة إلى أخت أتون يصطدم اخناتون بحياة الفلاحين والصناع ويمارس معهم الزراعة والصناعة كي يحصل على قوت يومه

من عمله حيث لا احد يعلم انه فرعون مصر فقد كان يعامل مثله مثل كا العيد الذي كان بصحبته وحينما وصلا إلى أسوار أخت أتون بعد عناء

رحلة شاقة هاجمتهم الذئاب وقتلت صديقه كا الذي مات على الفور.


وهنا يسمع اخناتون أنينا يشبه العواء الممزوج مع الصراخ ! فقد وجد طفلا صغيرا ترضعه الذئاب أصبح فيما بعد توت عنخ آمون الذي تربى وسط

بنات اخناتون في قصره بعدما تبناه.

دخل اخناتون المدينة بهيئة قذرة تحمل معها غبار السفر ومشقة الطريق التقى بقائد جيشه حور محب وعلم بخبر هزيمته على يد الحيثيين فعزله من

منصبه الأمر الذي جعل حور محب يترك أخت أتون متجها إلى طيبه حاملا معه كنوزه ونسائه.


فيتحالف مع كهنة آمون تاركا اخناتون يوجه زحف الحيثيين بمفرده . وهنا يشير الكاتب أن اخناتون لم يكن متسامحا بل كان أبلها ضعيفا ضيق الأفق

فقد أرسل بعشرة من أشراف قومه (متحديا توسلاتهم ) محملون بالهدايا إلى الحيثيين وراغبين في التفاوض وإنهاء الحرب ولكن عاد إليه وفده

أشلاء مبعثر في رسالة صريحة من الحيثيين انه اقل من أن يتفاوضوا معه وهنا يدرك اخناتون انه على حافة الهاوية وهالك لا محالة فقد خسر الآن

كل شيء أولا خسر الحرب ثم قائده حور محب ثم أشراف قومه الذي تسبب في مقتلهم كما انه قد خسر التمويل الذي كان يأتيه من الجنوب بعدما

منعه الكهنة بعد انضمام حور محب إليهم


بعد الإشارة إلى عملية الختان التي تمت لتوت عنخ آمون لزواجه (بعنخ اسن) ابنة اخناتون الكبرى الذي وصفها الكاتب بالجراءة والوقاحة فهي من

تراقب حراس القصر بنظرات غير بريئة كما رفضت الزواج بتوت عنخ آمون لأنه ابن الذئاب الذي لا يرضي غرورها .



يضع الكاتب نهاية حزينة لفرعون جبان فينتحر اخناتون بالسم ويموت خارج أسوار أخت أتون أمام قائده حور محب الذي تصادف قدومه غازيا

للمدينة ، وتعاهد معه على أن يدفنه سرا بعيدا عن أعين كهنة آمون ودخل حور محب المدينة واخذ عنخ اسن وتوت عنخ آمون وأهل المدينة دون

نفرتيتي التي رفضت الرحيل إلى طيبة فتركها حور محب نزولا على رغبتها.


انتظروا الجزء الأخير غدا بمشيئة الله

اشكركم لحسن لمتابعة