منتجع مبارك في شرم الشيخ.. وكأن الثورة لم تقم.. وكأن الشعب لم يعزله.. وكأنه ليس محبوساً أصلاً
صفحة 1 من اصل 1
منتجع مبارك في شرم الشيخ.. وكأن الثورة لم تقم.. وكأن الشعب لم يعزله.. وكأنه ليس محبوساً أصلاً
منتجع مبارك في شرم الشيخ.. وكأن الثورة لم تقم.. وكأن الشعب لم يعزله.. وكأنه ليس محبوساً أصلاً
الأربعاء 04 مايو - 11:35صباحا
عاطف بشاي يقارن بينه وبين معتقل محمد نجيب
قبل ان ينتقل الرئيس المخلوع إلي مستشفي شرم الشيخ العام تمهيداً لترحيله إلي مستشفي سجن طرة.. كان يقضي أيامه في قصره بالمنتجع المخملي تحيطه مروج خضراء ورياض غناء بها خمائل وكروم اعناب وعيون سلسبيل تنفتح بعطور وماء ورد.. وعلي شاطئ بحر شفيف هو شريط من حرير أزرق.. يجلس مسترخياً يحدق هائماً في أفق لانهائي يرسو إلي جواره علي رمال ناعمة متلألئة يخت أنيق وتعبث تحت قدميه في مائها أسماك رقيقة ملونة وفوقه طيور بحر من نورس وعصافير و«بلابل» ترفرف مغردة فيظنها تشدو له، وتظنه يريدها طوع بنانه فتفر مبتعدة مذعورة مندهشة متسائلة: الا يكفيه ملياراته المنهوبة ومليارات الهانم والانجال والاقارب والاحباب والاصدقاء ومغارة الذهب والياقوت والمرجان والزمرد التي ذهبت إلي خزائنهم في كل أرجاء الدنيا!
قفزت المفارقة الي ذهني، واستدعت الذاكرة ذكري احداث وتفاصيل حياة اللواء محمد نجيب قائد ثورة يوليو «2591» وأول رئيس لها داخل معتقل المرج حيث الاقامة الجبرية.. وحيث شظف العيش الذي كان يعيشه داخل الفيللا المهجورة وحيداً مهانا مقهوراً ولم يعد الرجل الذي كانت صوره تغمر بيوت الناس وتحلق فوق أسرتهم في غرفات النوم لا يملك ان يشتري برتقالة إلا اذا سمح بذلك الشاويش الواقف علي باب بيته.. باب منفاه وسجنه.
كلاهما «نجيب» و«مبارك» شرف بالانتماء إلي المؤسسة العسكرية المصرية العتيدة.. وكلاهما تمت تنحيته من منصبه.. الأول في مطلع «4591» والذي اشتعل فيه الصراع بين «نجيب» ومجلس قيادة الثورة.. وحددت إقامته في استراحة بضاحية المرج متهالكة ومهجورة كانت تخص «زينب الوكيل» زوجة الزعيم «مصطفي النحاس باشا» أي أنه تم اقصاؤه من قبل زملاء السلاح وليس بموجب إرادة شعبية.. زملاء السلاح هؤلاء هم انفسهم الذين كانت خطبهم وأحاديثهم لا تنقطع تمجيداً لعظمته وشجاعته والاشادة بمهارة قيادته إلي الحد الذي جعل «أنور السادات» يضع اسمه علي رأس أعظم عشرة رجال في العالم في استفتاء اجرته المصور عام «3591».
أما مبارك فقد اجبرته ثورة شعبية عظيمة قادها الثوار من الشباب علي التنحي الذي عبر عنه طوفان شامل كاسح من ملايين المصريين في القاهرة وسائر المحافظات بشكل لم يحدث من قبل في التاريخ البشري كله، سواء في حجمه الهادر او في كثافة مشاعر الكراهية الطاغية لحاكم اصطبغ عهده بأستشراء فساد لم يسبق له مثيل منذ حكم المماليك.. وكانت مظاهرات ميدان التحرير مصحوبة بهتافات ولافتات سابة لاعنة بعضها فكه في مرارة او مرير في تفكه.. يبقي ماثلاً في ذهني منها ما حييت لافته علقتها أم علي صدر رضيع تحمله مكتوباً عليها: «ارحل يا جدو» في اشارة بالغة الدلالة والعمق إلي رفض جميع الاجيال له» وعلي خوف المستقبل» وجزعه من استمرار نظامه» خرج إذاً مهاناً مجبراً من قصر العروبة هو واسرته إلي مكان اقامة جبرية هانئة سعيدة تبعث علي البهجة والحبور.. منتجع مخملي رائع هو الجولي فيل في قصر منيف بهيج حينما تسقط عليه اشعة شمس الربيع يبدو ذاقباب من اللؤلو.. وجدران من زبرجد وأعمدة من مرمر.. ويقبع في كبرياء وصلف فوق ربوة في جزيرة بحرية ساحرة.
أما محمد نجيب فكان قبل ان يدخل معتقل المرج الكئيب رصيده في البنك الأهلي «426» جنيهاً وكان كل دخله من راتبه كرئيس للجمهورية في حدود «5» آلاف جنيه تنازل عن نصفه في خطاب رسمي لوزير المالية.. كما سبق ان تنازل عن رتبة الفريق وراتبها الذي صدر به امر ملكي بعد الثورة مباشرة.. وبالتالي فقد انخفض معاشه الذي تقرر بعد خروجه من الحكم فأصبح «381» جنيهاً و«668» مليماً.. وكان هذا المعاش هو كل دخله.. ولم يكن يكفيه لأنه بجانب مصاريف بيته الشهرية كان ينفق مبلغاً من المال علي علاج زوجته وآخر علي تعليم اولاده.
وحينما أقام بالفيللا كان يكتب الشكاوي المتواصلة الي«عبدالناصر» راجياً رفع الظلم الصارخ عنه حيث المعاملة غير الانسانية التي يلقاها واولاده وزوجته علي يد النقيب «حسين سرور» الذي يتحرش بأولاده ويلفق التهم الباطلة ضدهم.. ويسحب العسكري المعين لشراء طلباتهم اليومية.. ويمنع اللبان من توصيل اللبن إليهم.. ولا يسعفهم بالطبيب او الدواء في الوقت المناسب.. ويمتنع عن احضار الممرضة التي تعطي الحقن فيضطر الي عدم اخذها.. او التوجه الي المستشفي.. كما يقوم بتوصيل التيار الكهربائي بسلك عار.
يقول الأستاذ «عادل حمودة» في كتابه ضحية يوليو الذي ضمنه الوثائق الخاصة بالرئيس نجيب ويبدو ان ضغط المصاريف عليه جعله يقوم بعمل ميزانية دقيقة لبيته يوقع عليها بعد مراجعتا بعبارة «صحيح يعتدم ـ لواء «محمد نجيب».. ففي ميزانية ابريل «7591» سنجد الوارد «04» جنيهاً والمنصرف «79» والعجز «75» وسنجد في قائمة المصروفات ثمن كتب وقواميس واجرة تصليح اجهزة كهربائية ومساعدات مالية بسيطة لبعض الفقراء وبسبب العجز المستمر في الميزانية طلب عام «7591» استبدال جزء من معاشه وارسل خطاباً بذلك لوزيري الحربية والمالية.
اما هناك في المجتمع الساحر فينتقل «النمامون» والعهدة عليهم ـ ان المشكلة التي كانت تعاني منها عائلة «مبارك» انه يريد العودة الي المدرسة حيث اصحابه، لكن الظروف لا تسمح بذلك، فما كان من جده إلا ان قرر ان يأتي بأصحابه وأولياء امورهم إلي شرم الشيخ كي لا يشعر الحفيد بالوحدة ولا يترك ذلك اثراً نفسياً سيئاً يضر بتكوينه النفسي.
وفي «شرم الشيخ» توضع «اليخوت» تحت تصرف الأولاد واولياء امورهم كي يقوموا بجولات بحرية شائقة في الصباح.. وفي الليل ما اجمل التمتع بالبلبطة في حمام السباحة حيث النافورة العائمة وسماعات تحت الماء إنجليزية الصنع تنساب منها الموسيقي الحالمة مع التكوينات الجمالية البديعة التي تصنعها الإضاءة «بدون تيار كهربائي».
عن طريق الالياف الضوئية بطول حمام السباحة..والمتغيرة الألوان وتعمل بالريموت كنترول.. ومستوردة من «بلجيكا».. لعل الحفيد العزيز ينسي ذلك المنظر الفظيع الذي رآه يوماً علي شاشة التليفزيون لاطفال شوارع «بيئة» يخوضون حفاة بملابس مهترئة في مجاري احد الأحياء العشوائية.. يستحمون وإلي جوارهم تطفو الحيوانات النافقة علي السطح.
ولعل تلك الصورة قد وردت في مخيلة رئيس النيابة المفوه الرائع «محمد النجار» في مرافعته التاريخية في قضية التربح وإهدار المال العام المتهم فيها «احمد المغربي» وزير الاسكان الاسبق «وشمل الاتهام» علاء مبارك حيث قال: لماذا خنتم امانتكم التي حملناكم بها، ولماذا جعلتمونا نتقاتل علي كسرة خبز، ولماذا افقرتمونا، ولماذا حرمتونا من شربة مياه نظيفة ولماذا اسكنتمونا القبور ونحن احياء واقمتم لانفسكم المنتجعات ولماذا أثقلتم ظهورنا من الضرائب والرسوم لتعدوا الطرق والخدمات الي منتجعاتكم «الفيللات الثلاث في المنتجع المخملي مبنية علي الشعاب المرجانية وردم جزء من البحر من اجل اطلالة شاعرية مبهرة للرئيس وعائلته».. ان مئات من المناطق العشوائية في ربوع البلاد يعيش فيها اكثر من ربع سكان مصر بلا مرافق ومياه شرب وصرف صحي، تفرز كوارث اجتماعية متعددة من فقر ومرض وتلوث بيئي.. وجهل وجريمة واطفال مشردة.
انتهي الامر «بمحمد نجيب» وحيداً في غرفة نومه ومعيشته بفيللا المرج التي لاتحتوي سوي علي سرير متهالك ينام عليه ويضع الكتب والمجلات التي يقرأها.. كما يضع عليه عصا من البوص اللين يؤدب بها برقة قططه وكلابه التي تنام علي كنبة مجاورة، ويقضي وقته يناجيهم ويتحدث اليهم فيشكو لهم غدر الرفاق وقسوة الدهر.. إنه يراهم اقرب إليه من البشر.. انهم اكثر وفاء وحبا له منهم.
اما مبارك فيتشبث في هلع بسريره في الحجرة الباردة بالمستشفي كما كان يتشبث بكرسي العرش الوثير.. ممسكا بأهداب زمن زائل يتسرب كالماء بين يديه.. ويوشك علي اعلان نهاية نفسه كنهايات أبطال الدراميات اليونانية القديمة من الاباطرة الطغاة.. وفي اغفاءاته تتداخل في اختلاط محموم صرخات غرقي العبارة.. واستغاثات المتفحمين في قطار الصعيد.. ولعنات الفقراء والبائسين.
وباطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح.
عاطف بشاي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
الأربعاء 04 مايو - 11:35صباحا
عاطف بشاي يقارن بينه وبين معتقل محمد نجيب
قبل ان ينتقل الرئيس المخلوع إلي مستشفي شرم الشيخ العام تمهيداً لترحيله إلي مستشفي سجن طرة.. كان يقضي أيامه في قصره بالمنتجع المخملي تحيطه مروج خضراء ورياض غناء بها خمائل وكروم اعناب وعيون سلسبيل تنفتح بعطور وماء ورد.. وعلي شاطئ بحر شفيف هو شريط من حرير أزرق.. يجلس مسترخياً يحدق هائماً في أفق لانهائي يرسو إلي جواره علي رمال ناعمة متلألئة يخت أنيق وتعبث تحت قدميه في مائها أسماك رقيقة ملونة وفوقه طيور بحر من نورس وعصافير و«بلابل» ترفرف مغردة فيظنها تشدو له، وتظنه يريدها طوع بنانه فتفر مبتعدة مذعورة مندهشة متسائلة: الا يكفيه ملياراته المنهوبة ومليارات الهانم والانجال والاقارب والاحباب والاصدقاء ومغارة الذهب والياقوت والمرجان والزمرد التي ذهبت إلي خزائنهم في كل أرجاء الدنيا!
قفزت المفارقة الي ذهني، واستدعت الذاكرة ذكري احداث وتفاصيل حياة اللواء محمد نجيب قائد ثورة يوليو «2591» وأول رئيس لها داخل معتقل المرج حيث الاقامة الجبرية.. وحيث شظف العيش الذي كان يعيشه داخل الفيللا المهجورة وحيداً مهانا مقهوراً ولم يعد الرجل الذي كانت صوره تغمر بيوت الناس وتحلق فوق أسرتهم في غرفات النوم لا يملك ان يشتري برتقالة إلا اذا سمح بذلك الشاويش الواقف علي باب بيته.. باب منفاه وسجنه.
كلاهما «نجيب» و«مبارك» شرف بالانتماء إلي المؤسسة العسكرية المصرية العتيدة.. وكلاهما تمت تنحيته من منصبه.. الأول في مطلع «4591» والذي اشتعل فيه الصراع بين «نجيب» ومجلس قيادة الثورة.. وحددت إقامته في استراحة بضاحية المرج متهالكة ومهجورة كانت تخص «زينب الوكيل» زوجة الزعيم «مصطفي النحاس باشا» أي أنه تم اقصاؤه من قبل زملاء السلاح وليس بموجب إرادة شعبية.. زملاء السلاح هؤلاء هم انفسهم الذين كانت خطبهم وأحاديثهم لا تنقطع تمجيداً لعظمته وشجاعته والاشادة بمهارة قيادته إلي الحد الذي جعل «أنور السادات» يضع اسمه علي رأس أعظم عشرة رجال في العالم في استفتاء اجرته المصور عام «3591».
أما مبارك فقد اجبرته ثورة شعبية عظيمة قادها الثوار من الشباب علي التنحي الذي عبر عنه طوفان شامل كاسح من ملايين المصريين في القاهرة وسائر المحافظات بشكل لم يحدث من قبل في التاريخ البشري كله، سواء في حجمه الهادر او في كثافة مشاعر الكراهية الطاغية لحاكم اصطبغ عهده بأستشراء فساد لم يسبق له مثيل منذ حكم المماليك.. وكانت مظاهرات ميدان التحرير مصحوبة بهتافات ولافتات سابة لاعنة بعضها فكه في مرارة او مرير في تفكه.. يبقي ماثلاً في ذهني منها ما حييت لافته علقتها أم علي صدر رضيع تحمله مكتوباً عليها: «ارحل يا جدو» في اشارة بالغة الدلالة والعمق إلي رفض جميع الاجيال له» وعلي خوف المستقبل» وجزعه من استمرار نظامه» خرج إذاً مهاناً مجبراً من قصر العروبة هو واسرته إلي مكان اقامة جبرية هانئة سعيدة تبعث علي البهجة والحبور.. منتجع مخملي رائع هو الجولي فيل في قصر منيف بهيج حينما تسقط عليه اشعة شمس الربيع يبدو ذاقباب من اللؤلو.. وجدران من زبرجد وأعمدة من مرمر.. ويقبع في كبرياء وصلف فوق ربوة في جزيرة بحرية ساحرة.
أما محمد نجيب فكان قبل ان يدخل معتقل المرج الكئيب رصيده في البنك الأهلي «426» جنيهاً وكان كل دخله من راتبه كرئيس للجمهورية في حدود «5» آلاف جنيه تنازل عن نصفه في خطاب رسمي لوزير المالية.. كما سبق ان تنازل عن رتبة الفريق وراتبها الذي صدر به امر ملكي بعد الثورة مباشرة.. وبالتالي فقد انخفض معاشه الذي تقرر بعد خروجه من الحكم فأصبح «381» جنيهاً و«668» مليماً.. وكان هذا المعاش هو كل دخله.. ولم يكن يكفيه لأنه بجانب مصاريف بيته الشهرية كان ينفق مبلغاً من المال علي علاج زوجته وآخر علي تعليم اولاده.
وحينما أقام بالفيللا كان يكتب الشكاوي المتواصلة الي«عبدالناصر» راجياً رفع الظلم الصارخ عنه حيث المعاملة غير الانسانية التي يلقاها واولاده وزوجته علي يد النقيب «حسين سرور» الذي يتحرش بأولاده ويلفق التهم الباطلة ضدهم.. ويسحب العسكري المعين لشراء طلباتهم اليومية.. ويمنع اللبان من توصيل اللبن إليهم.. ولا يسعفهم بالطبيب او الدواء في الوقت المناسب.. ويمتنع عن احضار الممرضة التي تعطي الحقن فيضطر الي عدم اخذها.. او التوجه الي المستشفي.. كما يقوم بتوصيل التيار الكهربائي بسلك عار.
يقول الأستاذ «عادل حمودة» في كتابه ضحية يوليو الذي ضمنه الوثائق الخاصة بالرئيس نجيب ويبدو ان ضغط المصاريف عليه جعله يقوم بعمل ميزانية دقيقة لبيته يوقع عليها بعد مراجعتا بعبارة «صحيح يعتدم ـ لواء «محمد نجيب».. ففي ميزانية ابريل «7591» سنجد الوارد «04» جنيهاً والمنصرف «79» والعجز «75» وسنجد في قائمة المصروفات ثمن كتب وقواميس واجرة تصليح اجهزة كهربائية ومساعدات مالية بسيطة لبعض الفقراء وبسبب العجز المستمر في الميزانية طلب عام «7591» استبدال جزء من معاشه وارسل خطاباً بذلك لوزيري الحربية والمالية.
اما هناك في المجتمع الساحر فينتقل «النمامون» والعهدة عليهم ـ ان المشكلة التي كانت تعاني منها عائلة «مبارك» انه يريد العودة الي المدرسة حيث اصحابه، لكن الظروف لا تسمح بذلك، فما كان من جده إلا ان قرر ان يأتي بأصحابه وأولياء امورهم إلي شرم الشيخ كي لا يشعر الحفيد بالوحدة ولا يترك ذلك اثراً نفسياً سيئاً يضر بتكوينه النفسي.
وفي «شرم الشيخ» توضع «اليخوت» تحت تصرف الأولاد واولياء امورهم كي يقوموا بجولات بحرية شائقة في الصباح.. وفي الليل ما اجمل التمتع بالبلبطة في حمام السباحة حيث النافورة العائمة وسماعات تحت الماء إنجليزية الصنع تنساب منها الموسيقي الحالمة مع التكوينات الجمالية البديعة التي تصنعها الإضاءة «بدون تيار كهربائي».
عن طريق الالياف الضوئية بطول حمام السباحة..والمتغيرة الألوان وتعمل بالريموت كنترول.. ومستوردة من «بلجيكا».. لعل الحفيد العزيز ينسي ذلك المنظر الفظيع الذي رآه يوماً علي شاشة التليفزيون لاطفال شوارع «بيئة» يخوضون حفاة بملابس مهترئة في مجاري احد الأحياء العشوائية.. يستحمون وإلي جوارهم تطفو الحيوانات النافقة علي السطح.
ولعل تلك الصورة قد وردت في مخيلة رئيس النيابة المفوه الرائع «محمد النجار» في مرافعته التاريخية في قضية التربح وإهدار المال العام المتهم فيها «احمد المغربي» وزير الاسكان الاسبق «وشمل الاتهام» علاء مبارك حيث قال: لماذا خنتم امانتكم التي حملناكم بها، ولماذا جعلتمونا نتقاتل علي كسرة خبز، ولماذا افقرتمونا، ولماذا حرمتونا من شربة مياه نظيفة ولماذا اسكنتمونا القبور ونحن احياء واقمتم لانفسكم المنتجعات ولماذا أثقلتم ظهورنا من الضرائب والرسوم لتعدوا الطرق والخدمات الي منتجعاتكم «الفيللات الثلاث في المنتجع المخملي مبنية علي الشعاب المرجانية وردم جزء من البحر من اجل اطلالة شاعرية مبهرة للرئيس وعائلته».. ان مئات من المناطق العشوائية في ربوع البلاد يعيش فيها اكثر من ربع سكان مصر بلا مرافق ومياه شرب وصرف صحي، تفرز كوارث اجتماعية متعددة من فقر ومرض وتلوث بيئي.. وجهل وجريمة واطفال مشردة.
انتهي الامر «بمحمد نجيب» وحيداً في غرفة نومه ومعيشته بفيللا المرج التي لاتحتوي سوي علي سرير متهالك ينام عليه ويضع الكتب والمجلات التي يقرأها.. كما يضع عليه عصا من البوص اللين يؤدب بها برقة قططه وكلابه التي تنام علي كنبة مجاورة، ويقضي وقته يناجيهم ويتحدث اليهم فيشكو لهم غدر الرفاق وقسوة الدهر.. إنه يراهم اقرب إليه من البشر.. انهم اكثر وفاء وحبا له منهم.
اما مبارك فيتشبث في هلع بسريره في الحجرة الباردة بالمستشفي كما كان يتشبث بكرسي العرش الوثير.. ممسكا بأهداب زمن زائل يتسرب كالماء بين يديه.. ويوشك علي اعلان نهاية نفسه كنهايات أبطال الدراميات اليونانية القديمة من الاباطرة الطغاة.. وفي اغفاءاته تتداخل في اختلاط محموم صرخات غرقي العبارة.. واستغاثات المتفحمين في قطار الصعيد.. ولعنات الفقراء والبائسين.
وباطل الأباطيل الكل باطل وقبض الريح.
عاطف بشاي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط]
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
مواضيع مماثلة
» مصادر:استدعاء استشاري طب نفسي من القاهرة لشرم الشيخ لعلاج مبارك من الاكتئاب
» صحافة القاهرة: مبارك فى القفص.. الآن نجحت الثورة..
» اول صور لبيت الرئيس السابق مبارك وعائلته بشرم الشيخ
» مصادر قضائية وأمنية تؤكد محاكمة مبارك بشرم الشيخ
» المتظاهرون بشرم الشيخ يطالبون برحيل مبارك دعما للسياحة
» صحافة القاهرة: مبارك فى القفص.. الآن نجحت الثورة..
» اول صور لبيت الرئيس السابق مبارك وعائلته بشرم الشيخ
» مصادر قضائية وأمنية تؤكد محاكمة مبارك بشرم الشيخ
» المتظاهرون بشرم الشيخ يطالبون برحيل مبارك دعما للسياحة
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى