احاديث مع ابطال حرب اكتوبر....سرد تفصيلي
صفحة 1 من اصل 1
احاديث مع ابطال حرب اكتوبر....سرد تفصيلي
احاديث مع ابطال حرب اكتوبر....سرد تفصيلي
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فاجأنا الرئيس السادات حين طلب شايه الأخضر وقال «أنتم عندكم رخصة
بالإفطار يا أولاد» ولم تمض دقائق حتى بدأت العلامات على لوحة العمليات تؤكد أن
القوات الجوية بدأت فى تنفيذ المهمة.
هذه بعض الأحداث التى كشفها لنا
اللواء حسن الجريدلى سكرتير عام وزارة الحربية آنذاك خلال أيام 4، 5، 6 أكتوبر حيث
استعاد معنا شريط الذكريات قائلا: اعتز بتلك الفترة من فترات حياتى وأفخر بها. ففى
العام الذى قامت فيه حرب أكتوبر 73 كنت سكرتيرا عاما لوزارة الحربية وقتها كان
المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية وكانت علاقتى به
قوية جدا.
فقد زاملته على مدى ربع قرن حيث كنت رئيس فرع التخطيط
والعمليات.
ومنذ توليه الوزارة فى 28 أكتوبر 72 كان دائما يؤكد أنه رجل حرب،
وبالفعل فقد كان أول برنامج زيارة طلبه منى فى ذلك الوقت أن يمر على الوحدات، وكنت
أراه قائدا مختلفا وكان اختيار الرئيس السادات موفقا، فلم يكن التغيير فى وزارة
الحربية لأى سبب سوى أن المرحلة تحتاج إلى رجل بهذه المواصفات.
وأخذنا فى
التحضير والتخطيط النهائى للحرب على مدار عام كامل بداية من أواخر أكتوبر 72 وحتى
يوم 6 أكتوبر 73 هذه المرحلة جعلتنى أؤكد أن الضباط والأفراد فى القوات المسلحة
عندما يتم تكليفهم بمهمة واضحة ويترك لهم التفكير. والتخطيط والإعداد بملكة داخلية
منهم دون مساعدة خارجية ففى تلك الفترة لم يكن هناك خبير من الخارج يصل بالتنفيذ
إلى أعلى المستويات.
4 أكتوبر
وأعود معك إلى يوم 4 أكتوبر 73 – والكلام
لا يزال على لسان الجريدلى - لقد كنا قبل هذا الوقت فى المشروع الاستراتيجى الذى
كان يتم تنفيذه مرتين.. مرة فى الربيع والأخرى فى الخريف، وكانت إسرائيل عندما ترى
المشروع تعتقد أننا نستعد للحرب فتعلن التعبئة العامة وتجمع القوات من الاحتياط ثم
بعد ذلك تكتشف أن الأمر خدعة وقد اعتادوا على ذلك وتم استغلال هذه العملية حيث كان
المشروع يتم فى موعده وكانت القوات فيه تحتل مواقعها ومراكز القيادة تقوم بعملها فى
المشروع وفى ذلك اليوم «4 أكتوبر» ذهبت مع الفريق أول أحمد إسماعيل إلى مركز
العمليات وكنا أحيانا نبيت فى المركز وأحيانا أخرى نعود إلى الوزارة وفى تلك الليلة
عدنا من المركز إلى الوزارة بعد متابعة المشروع وفى صباح اليوم التالى بعد أن
تقابلنا فى الوزارة وأنهينا بعض الأعمال وصلينا الجمعة ونزلنا متوجهين إلى مركز
العمليات حيث ركبت السيارة الجيب العادية مع الفريق أحمد إسماعيل من كوبرى القبة
متجهين إلى مصر الجديدة وكانت الشوارع هادئة بعد صلاة الجمعة، ونحن فى شارع الخليفة
المأمون قال لى الفريق أحمد إسماعيل وأنا لا أنسى شكله وهو يحاورنى (شايف اللى
ماشيين فى الشارع تيجى نسألهم أيه رأيهم مصر تحارب! يا ريت لو مصر دى تحارب بكرة!
تفتكروا معقولة؟! يعنى ينفع هذا الحديث دار بيننا ونحن فى السيارة قبل أن نصل إليهم
خاصة وأننا لم نلمح بالشارع سوى شخصين، فقلت له يا فندم هو فيه حد يصدق وإحنا فى
هذا الجو الهادئ فى رمضان أن مصر بكرة هتحارب استحالة طبعا.
5
أكتوبر
وقطعت بنا السيارة الطريق إلى مركز العمليات بسرعة خاصة مع هدوء الشوارع
وصلنا إلى هناك ومررنا على جميع المراكز وكان خلال فترة المشروع يتناوب الضباط
العمل فى مركز العمليات كل 12 ساعة وفى هذا اليوم «5 أكتوبر» طلبنا عدم مغادرة
الضباط ومر الفريق أحمد إسماعيل على جميع الضباط بمراكز العمليات واطمأن عليهم وعلى
سير المشروع ثم طلب منى جدولا زمنيا للخطوات التى ستتم فى اليوم التالى بداية من
الساعة 2 ظهرا حتى عبور القناة بالكامل وتحطيم خط بارليف وتحقيق المهمة الأولى
للقوات المسلحة، وكان هذا الجدول فى منتهى الأهمية.
جلست متصورا الحرب وفق
التخطيط والتدريب الذى تم ومعى الفريق محمد عبد الغنى الجمسى الذى كان فى غرفة
العمليات الرئيسية وبعض القادة وقدم كل منهم الجدول الزمنى الخاص به وتم جمعه فى
جدول واحد بدقة وكان كل شىء محسوب بالدقيقة والثانية قدمناه فى النهاية للفريق أحمد
إسماعيل وقضينا ليلة السبت فى المركز والمشروع يجرى كما هو مخطط له وفى صباح السبت
6 أكتوبر حوالى الساعة 12.30 ظهرا قال لى الوزير أنا ذاهب لمقابلة الرئيس السادات
وهو سيأتى معى، ولم يكن أحد يعلم بقدوم. الرئيس إلى مركز العمليات.
6
أكتوبر
كان المركز به مدخل تدخل منه السيارات عند زيارة أحد القيادات ولم أكن
أعلم بحضور الرئيس بداية الحرب سوى فى تلك اللحظة بعدها وفى الساعة الواحدة ونصف
مررت فى جميع أنحاء المركز مثل أى يوم عادى خلال المشروع الاستراتيجى ذهبت إلى
المدخل وطلبت منهم أن يفتحوه ربما يكون هناك أحد سيأتى ويدخل بسيارته وخلال دقائق
وجدت الرئيس السادات والفريق أحمد إسماعيل والوزير عبد الفتاح عبد الله حيث كان
وزيرا لشئون رئاسة الجمهورية قد وصلوا إلى مركز العمليات ودخل الرئيس فوجد الأعصاب
مشدودة ولاحظ ذلك عندما قدمت له التحية وكان يعرفنى جيدا حيث، عملت معه فى سلاح
الإشارة.
وضع الرئيس السادات يده على كتفى قائل: يا حسن لقد عملنا كل ما علينا
وربنا معانا إن شاء الله ودخل من أحد الممرات إلى غرفة التخطيط ثم إلى غرفة
العمليات الرئيسية حيث وضعت خريطة العمليات على الترابيزة الرئيسية وعلى الحائط
المواجه لها هناك خريطة أخرى يوقع عليها ضباط العمليات البلاغات التى يتلقونها من
القوات على أرض المعركة.
وكان الرئيس السادات يجلس فى الوسط وعلى يمينه الفريق
أول أحمد إسماعيل وإلى يساره كان يجلس الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان وكنت
أنا إلى جوار الفريق أحمد إسماعيل وإلى جوارى جميع تليفونات الأمانة العامة للقوات
المسلحة.
وقف ضابط العمليات أمام لوحة العمليات على الحائط المواجه للترابيزة
الرئيسية حيث تشمل اللوحة خريطة الجمهورية بالكامل وموقع جميع المطارات والقواعد
العسكرية الجوية من شمال مصر وحتى جنوبها ومن الشرق إلى الغرب وحينما دخل الرئيس
السادات الغرفة وقف الجميع وشعر الرئيس فى تلك اللحظة أن الأعصاب مشدودة فعمل على
تهدئة الجميع قائلا «أقعدوا يا ولاد» بعدها جلس وأخرج علبة التوباكو الخاصة به أخرج
البايب وطلب الشاى الأخضر بتاعه وقدم له الشاى ونظر للجميع قائلا «جرى إيه يا ولاد
أنتو النهاردة عندكوا رخصة أنكم تفطروا» فلم يرد أحد وأعيننا على الساعة الموجودة
فى الغرفة والتى وضعت فوق دولاب خريطة العمليات وكانت العقارب تسير ببطء شديد ونحن
ننتظر وصول الساعة إلى الثانية وعندما وصلت الثانية إلا سبع دقائق وجدنا أول نقطة
بدأت توضع على لوحة العمليات وبدأت أسراب القوات الجوية تخرج من القواعد وانتقلت
أعيننا إلى اللوحة لمتابعة المرحلة الافتتاحية للحرب وهى أهم مرحلة فى أى حرب على
مستوى العالم وبدأت النقاط تتلاقى فى خيط واحد على الضفة الشرقية للقناة وجميعها
التقت فى توقيت واحد وهذا دليل على دقة التدريب والتخطيط المتميز. هذه الصورة لا
أنساها وكنت أتمنى لو أن هناك سينما تصور كيف أن هذه الخطوط التقت ثم بدأت تدخل
الضفة الشرقية للقناة وبدأت «تفرش» ثم اختفت ولم تأت أى بلاغات من الطيارين وظلت
أعيننا مصوبة على لوحة العمليات.
صمتنا جميعا وكأن على رؤوسنا الطير، حتى أننا
اعتقدنا أن الجميع لم يخرج منه حتى النفس ثم بدأت النقاط تعود بعد مرور 10 دقائق من
الأجناب وفى هذا التوقيت دخل قائد المدفعية يطلب الإذن ببدء المدفعية فى الضرب
والذى استمر لمدة 53 دقيقة شارك فيه 2000 مدفع على طول خط القناة وهو الأمر الذى
جعل الطيران يعود من الأجناب بعيدا عن نيران المدفعية.
ورن أول جرس تليفون فى
الغرفة بعد بدء العمليات وعندما رفعت السماعة كان اللواء طيار محمد حسنى مبارك قائد
القوات الجوية ورد قائلا «الحمد لله الضربة الجوية تمت والخسائر لا تزيد على 3%»
وأخذ الفريق أحمد إسماعيل السماعة من يدى ووجدت كل من بالغرفة يهتف الله أكبر ووصل
الصوت للخارج فوجدنا كل من بمركز العمليات يهمهم بها وبدأت العمليات وأخذ الفريق
أول أحمد إسماعيل يضع علامة (صح) على الخطة التى تمت وبدأ الضباط يتلقون البلاغات
وبدأ تحرك 800 قارب تحمل 8000 جندى وضابط لعبور القناة وظل الجميع فى انتظار خروج
القوارب من المياه وسط تمهيد المدفعية وكان الفريق الجمسى يعطى كل نصف ساعة تقريرا
عن الموقف.
وظلت العمليات تتوالى بنجاح وفق الخطة التى تم التدريب عليها على مدى
عام أو بشكل أكثر دقة 11 شهرا و6 أيام ظل الرئيس السادات معنا لمدة 6 ساعات حتى
الساعة الثامنة مساء ثم جاء له تليفون من الرئاسة يبدو أن هناك مقابلة محددة وخرج
الرئيس من غرفة العمليات وهو يردد مبروك يا ولاد العدو فقد توازنه فى 6
ساعات.
استمرت الحرب حتى يوم 28 أكتوبر عندما صدر قرار 340 الخاص بوقف إطلاق
النار.
ويتوقف اللواء حسن الجريدلى عن السرد وكأنه يشحذ ذاكرته يبحث عن إجابة
سؤالى حول قصة بيانات الحرب ثم ينطلق لسانه ليكشف عن ذاكرة حديدية قال لى الفريق
أحمد إسماعيل فى الساعة الثانية ونصف عليك أن تجهز لنا بيانا يذاع فى النشرة ولم
نقل فى البيان الأول إننا عبرنا، حيث قال لى بلور البيان حول قيام القوات الجوية
الإسرائيلية بغارة على السويس وقد خرج سلاح القوات الجوية والدفاع الجوى وتصدى لها
وقلت فى البيان: «قامت إسرائيل بمهاجمة منطقة الفيصل جنوب السويس وتصدت لها القوات
الجوية وطاردتها» وبعد عشر دقائق قال لى أكتب بيانا ثانيا أن الطائرات المصرية
طاردت الطيران الإسرائيلى حتى داخل سيناء وقامت بضربهم داخل سيناء فى ذلك الوقت
كانت الأحاديث تدور فى الشارع، والمراكب عبرت قناة السويس والقوات بدأت فى تسلق
الساتر الترابى فقال لى الفريق أحمد إسماعيل: «سجل البيان» وكان البيان رقم 5
فأمسكت بالقلم وبدأت أكتب حتى وصلت إلى جملة «ورفع علم مصر على الضفة الشرقية
للقناة» ولا أنسى تلك الجملة فقد تساقطت دموعى من الفرحة.
ثم استمرت العمليات
وقد حصلنا على عمق 15 كيلومترا داخل سيناء بطول 180 كيلو مترا من يوم 6 أكتوبر وحتى
يوم 8 أكتوبر وأنا أذكر هذا لمن يتحدثون عن الثغرة التى بلغ عمقها 6 كيلومترات فقط.
وكانت جميع البيانات تخرج أرقاما حقيقية واستمرت حتى يوم وقف إطلاق النار.
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
فاجأنا الرئيس السادات حين طلب شايه الأخضر وقال «أنتم عندكم رخصة
بالإفطار يا أولاد» ولم تمض دقائق حتى بدأت العلامات على لوحة العمليات تؤكد أن
القوات الجوية بدأت فى تنفيذ المهمة.
هذه بعض الأحداث التى كشفها لنا
اللواء حسن الجريدلى سكرتير عام وزارة الحربية آنذاك خلال أيام 4، 5، 6 أكتوبر حيث
استعاد معنا شريط الذكريات قائلا: اعتز بتلك الفترة من فترات حياتى وأفخر بها. ففى
العام الذى قامت فيه حرب أكتوبر 73 كنت سكرتيرا عاما لوزارة الحربية وقتها كان
المشير أحمد إسماعيل القائد العام للقوات المسلحة ووزير الحربية وكانت علاقتى به
قوية جدا.
فقد زاملته على مدى ربع قرن حيث كنت رئيس فرع التخطيط
والعمليات.
ومنذ توليه الوزارة فى 28 أكتوبر 72 كان دائما يؤكد أنه رجل حرب،
وبالفعل فقد كان أول برنامج زيارة طلبه منى فى ذلك الوقت أن يمر على الوحدات، وكنت
أراه قائدا مختلفا وكان اختيار الرئيس السادات موفقا، فلم يكن التغيير فى وزارة
الحربية لأى سبب سوى أن المرحلة تحتاج إلى رجل بهذه المواصفات.
وأخذنا فى
التحضير والتخطيط النهائى للحرب على مدار عام كامل بداية من أواخر أكتوبر 72 وحتى
يوم 6 أكتوبر 73 هذه المرحلة جعلتنى أؤكد أن الضباط والأفراد فى القوات المسلحة
عندما يتم تكليفهم بمهمة واضحة ويترك لهم التفكير. والتخطيط والإعداد بملكة داخلية
منهم دون مساعدة خارجية ففى تلك الفترة لم يكن هناك خبير من الخارج يصل بالتنفيذ
إلى أعلى المستويات.
4 أكتوبر
وأعود معك إلى يوم 4 أكتوبر 73 – والكلام
لا يزال على لسان الجريدلى - لقد كنا قبل هذا الوقت فى المشروع الاستراتيجى الذى
كان يتم تنفيذه مرتين.. مرة فى الربيع والأخرى فى الخريف، وكانت إسرائيل عندما ترى
المشروع تعتقد أننا نستعد للحرب فتعلن التعبئة العامة وتجمع القوات من الاحتياط ثم
بعد ذلك تكتشف أن الأمر خدعة وقد اعتادوا على ذلك وتم استغلال هذه العملية حيث كان
المشروع يتم فى موعده وكانت القوات فيه تحتل مواقعها ومراكز القيادة تقوم بعملها فى
المشروع وفى ذلك اليوم «4 أكتوبر» ذهبت مع الفريق أول أحمد إسماعيل إلى مركز
العمليات وكنا أحيانا نبيت فى المركز وأحيانا أخرى نعود إلى الوزارة وفى تلك الليلة
عدنا من المركز إلى الوزارة بعد متابعة المشروع وفى صباح اليوم التالى بعد أن
تقابلنا فى الوزارة وأنهينا بعض الأعمال وصلينا الجمعة ونزلنا متوجهين إلى مركز
العمليات حيث ركبت السيارة الجيب العادية مع الفريق أحمد إسماعيل من كوبرى القبة
متجهين إلى مصر الجديدة وكانت الشوارع هادئة بعد صلاة الجمعة، ونحن فى شارع الخليفة
المأمون قال لى الفريق أحمد إسماعيل وأنا لا أنسى شكله وهو يحاورنى (شايف اللى
ماشيين فى الشارع تيجى نسألهم أيه رأيهم مصر تحارب! يا ريت لو مصر دى تحارب بكرة!
تفتكروا معقولة؟! يعنى ينفع هذا الحديث دار بيننا ونحن فى السيارة قبل أن نصل إليهم
خاصة وأننا لم نلمح بالشارع سوى شخصين، فقلت له يا فندم هو فيه حد يصدق وإحنا فى
هذا الجو الهادئ فى رمضان أن مصر بكرة هتحارب استحالة طبعا.
5
أكتوبر
وقطعت بنا السيارة الطريق إلى مركز العمليات بسرعة خاصة مع هدوء الشوارع
وصلنا إلى هناك ومررنا على جميع المراكز وكان خلال فترة المشروع يتناوب الضباط
العمل فى مركز العمليات كل 12 ساعة وفى هذا اليوم «5 أكتوبر» طلبنا عدم مغادرة
الضباط ومر الفريق أحمد إسماعيل على جميع الضباط بمراكز العمليات واطمأن عليهم وعلى
سير المشروع ثم طلب منى جدولا زمنيا للخطوات التى ستتم فى اليوم التالى بداية من
الساعة 2 ظهرا حتى عبور القناة بالكامل وتحطيم خط بارليف وتحقيق المهمة الأولى
للقوات المسلحة، وكان هذا الجدول فى منتهى الأهمية.
جلست متصورا الحرب وفق
التخطيط والتدريب الذى تم ومعى الفريق محمد عبد الغنى الجمسى الذى كان فى غرفة
العمليات الرئيسية وبعض القادة وقدم كل منهم الجدول الزمنى الخاص به وتم جمعه فى
جدول واحد بدقة وكان كل شىء محسوب بالدقيقة والثانية قدمناه فى النهاية للفريق أحمد
إسماعيل وقضينا ليلة السبت فى المركز والمشروع يجرى كما هو مخطط له وفى صباح السبت
6 أكتوبر حوالى الساعة 12.30 ظهرا قال لى الوزير أنا ذاهب لمقابلة الرئيس السادات
وهو سيأتى معى، ولم يكن أحد يعلم بقدوم. الرئيس إلى مركز العمليات.
6
أكتوبر
كان المركز به مدخل تدخل منه السيارات عند زيارة أحد القيادات ولم أكن
أعلم بحضور الرئيس بداية الحرب سوى فى تلك اللحظة بعدها وفى الساعة الواحدة ونصف
مررت فى جميع أنحاء المركز مثل أى يوم عادى خلال المشروع الاستراتيجى ذهبت إلى
المدخل وطلبت منهم أن يفتحوه ربما يكون هناك أحد سيأتى ويدخل بسيارته وخلال دقائق
وجدت الرئيس السادات والفريق أحمد إسماعيل والوزير عبد الفتاح عبد الله حيث كان
وزيرا لشئون رئاسة الجمهورية قد وصلوا إلى مركز العمليات ودخل الرئيس فوجد الأعصاب
مشدودة ولاحظ ذلك عندما قدمت له التحية وكان يعرفنى جيدا حيث، عملت معه فى سلاح
الإشارة.
وضع الرئيس السادات يده على كتفى قائل: يا حسن لقد عملنا كل ما علينا
وربنا معانا إن شاء الله ودخل من أحد الممرات إلى غرفة التخطيط ثم إلى غرفة
العمليات الرئيسية حيث وضعت خريطة العمليات على الترابيزة الرئيسية وعلى الحائط
المواجه لها هناك خريطة أخرى يوقع عليها ضباط العمليات البلاغات التى يتلقونها من
القوات على أرض المعركة.
وكان الرئيس السادات يجلس فى الوسط وعلى يمينه الفريق
أول أحمد إسماعيل وإلى يساره كان يجلس الفريق سعد الدين الشاذلى رئيس الأركان وكنت
أنا إلى جوار الفريق أحمد إسماعيل وإلى جوارى جميع تليفونات الأمانة العامة للقوات
المسلحة.
وقف ضابط العمليات أمام لوحة العمليات على الحائط المواجه للترابيزة
الرئيسية حيث تشمل اللوحة خريطة الجمهورية بالكامل وموقع جميع المطارات والقواعد
العسكرية الجوية من شمال مصر وحتى جنوبها ومن الشرق إلى الغرب وحينما دخل الرئيس
السادات الغرفة وقف الجميع وشعر الرئيس فى تلك اللحظة أن الأعصاب مشدودة فعمل على
تهدئة الجميع قائلا «أقعدوا يا ولاد» بعدها جلس وأخرج علبة التوباكو الخاصة به أخرج
البايب وطلب الشاى الأخضر بتاعه وقدم له الشاى ونظر للجميع قائلا «جرى إيه يا ولاد
أنتو النهاردة عندكوا رخصة أنكم تفطروا» فلم يرد أحد وأعيننا على الساعة الموجودة
فى الغرفة والتى وضعت فوق دولاب خريطة العمليات وكانت العقارب تسير ببطء شديد ونحن
ننتظر وصول الساعة إلى الثانية وعندما وصلت الثانية إلا سبع دقائق وجدنا أول نقطة
بدأت توضع على لوحة العمليات وبدأت أسراب القوات الجوية تخرج من القواعد وانتقلت
أعيننا إلى اللوحة لمتابعة المرحلة الافتتاحية للحرب وهى أهم مرحلة فى أى حرب على
مستوى العالم وبدأت النقاط تتلاقى فى خيط واحد على الضفة الشرقية للقناة وجميعها
التقت فى توقيت واحد وهذا دليل على دقة التدريب والتخطيط المتميز. هذه الصورة لا
أنساها وكنت أتمنى لو أن هناك سينما تصور كيف أن هذه الخطوط التقت ثم بدأت تدخل
الضفة الشرقية للقناة وبدأت «تفرش» ثم اختفت ولم تأت أى بلاغات من الطيارين وظلت
أعيننا مصوبة على لوحة العمليات.
صمتنا جميعا وكأن على رؤوسنا الطير، حتى أننا
اعتقدنا أن الجميع لم يخرج منه حتى النفس ثم بدأت النقاط تعود بعد مرور 10 دقائق من
الأجناب وفى هذا التوقيت دخل قائد المدفعية يطلب الإذن ببدء المدفعية فى الضرب
والذى استمر لمدة 53 دقيقة شارك فيه 2000 مدفع على طول خط القناة وهو الأمر الذى
جعل الطيران يعود من الأجناب بعيدا عن نيران المدفعية.
ورن أول جرس تليفون فى
الغرفة بعد بدء العمليات وعندما رفعت السماعة كان اللواء طيار محمد حسنى مبارك قائد
القوات الجوية ورد قائلا «الحمد لله الضربة الجوية تمت والخسائر لا تزيد على 3%»
وأخذ الفريق أحمد إسماعيل السماعة من يدى ووجدت كل من بالغرفة يهتف الله أكبر ووصل
الصوت للخارج فوجدنا كل من بمركز العمليات يهمهم بها وبدأت العمليات وأخذ الفريق
أول أحمد إسماعيل يضع علامة (صح) على الخطة التى تمت وبدأ الضباط يتلقون البلاغات
وبدأ تحرك 800 قارب تحمل 8000 جندى وضابط لعبور القناة وظل الجميع فى انتظار خروج
القوارب من المياه وسط تمهيد المدفعية وكان الفريق الجمسى يعطى كل نصف ساعة تقريرا
عن الموقف.
وظلت العمليات تتوالى بنجاح وفق الخطة التى تم التدريب عليها على مدى
عام أو بشكل أكثر دقة 11 شهرا و6 أيام ظل الرئيس السادات معنا لمدة 6 ساعات حتى
الساعة الثامنة مساء ثم جاء له تليفون من الرئاسة يبدو أن هناك مقابلة محددة وخرج
الرئيس من غرفة العمليات وهو يردد مبروك يا ولاد العدو فقد توازنه فى 6
ساعات.
استمرت الحرب حتى يوم 28 أكتوبر عندما صدر قرار 340 الخاص بوقف إطلاق
النار.
ويتوقف اللواء حسن الجريدلى عن السرد وكأنه يشحذ ذاكرته يبحث عن إجابة
سؤالى حول قصة بيانات الحرب ثم ينطلق لسانه ليكشف عن ذاكرة حديدية قال لى الفريق
أحمد إسماعيل فى الساعة الثانية ونصف عليك أن تجهز لنا بيانا يذاع فى النشرة ولم
نقل فى البيان الأول إننا عبرنا، حيث قال لى بلور البيان حول قيام القوات الجوية
الإسرائيلية بغارة على السويس وقد خرج سلاح القوات الجوية والدفاع الجوى وتصدى لها
وقلت فى البيان: «قامت إسرائيل بمهاجمة منطقة الفيصل جنوب السويس وتصدت لها القوات
الجوية وطاردتها» وبعد عشر دقائق قال لى أكتب بيانا ثانيا أن الطائرات المصرية
طاردت الطيران الإسرائيلى حتى داخل سيناء وقامت بضربهم داخل سيناء فى ذلك الوقت
كانت الأحاديث تدور فى الشارع، والمراكب عبرت قناة السويس والقوات بدأت فى تسلق
الساتر الترابى فقال لى الفريق أحمد إسماعيل: «سجل البيان» وكان البيان رقم 5
فأمسكت بالقلم وبدأت أكتب حتى وصلت إلى جملة «ورفع علم مصر على الضفة الشرقية
للقناة» ولا أنسى تلك الجملة فقد تساقطت دموعى من الفرحة.
ثم استمرت العمليات
وقد حصلنا على عمق 15 كيلومترا داخل سيناء بطول 180 كيلو مترا من يوم 6 أكتوبر وحتى
يوم 8 أكتوبر وأنا أذكر هذا لمن يتحدثون عن الثغرة التى بلغ عمقها 6 كيلومترات فقط.
وكانت جميع البيانات تخرج أرقاما حقيقية واستمرت حتى يوم وقف إطلاق النار.
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
اللواء محيى نوح : أبطال الصاعقة كسروا الحاجز النفسى بعد هزيمة 67 صوره نادره للابطال المجموعه 39 قتال استطاع أبطال الصاعقة تسجيل العديد من البطولات فى سجل القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة فقد كان لعمليات القوات الخاصة من رجال
اللواء محيى نوح : أبطال الصاعقة كسروا الحاجز النفسى
بعد هزيمة 67
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
صوره
نادره للابطال المجموعه 39 قتال
استطاع أبطال الصاعقة تسجيل العديد
من البطولات فى سجل القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة فقد كان
لعمليات القوات الخاصة من رجال الصاعقة دور مهم فى إزالة حاجز الرهبة بعد حرب
67.
اللواء محيى نوح من أبطال الصاعقة وأحد أفراد المجموعة 39 خلال فترة حرب
الاستنزاف وحرب أكتوبر.. حدثنا عن المهام الصعبة لأبطال الصاعقة أثناء الحرب.
*
سألته ما هى ذكرياتك عن الحرب؟
** فقال: شاركت فى حرب اليمن وتم استدعانى لأشارك
مع القوات الخاصة فى 67 وشاركت فى حرب 73.
وأتذكر جيدا ما حدث عصر اليوم التالى
لهزيمة 67 ففى يوم 6 يونيو تم تكليفنا بالتوجه إلى منطقة الإسماعيلية وكنت فى ذلك
الوقت برتبة نقيب ولم نكن نعلم أن هناك انسحابا وفوجئنا بالقوات حتى وصلنا إلى
القنطرة ثم جاءت إلينا تعليمات بوجود لواء مدرع إسرائيلى قادم من العريش لاحتلال
منطقة القنطرة وتقابلنا فى منطقة جلبانة، وكان تسليحنا عبارة عن قنابل يدوية وآر بى
جيه رقم 2 وقنابل لاصقة وهذا بالنسبة لتسليح الدبابات الإسرائيلية «باتون 48» يعد
ضعيفاً جداً.
وبدأنا تحريك قواتنا يمينا وشمالا للمناورة ولكى يظن العدو أن
قواتنا كبيرة فتوقف اللواء المدرع عن الحركة حتى اليوم الثانى وفى الصباح جاءت
الطائرات الإسرائيلية لاستطلاع الموقع، فى ذلك الوقت كنا قد حفرنا حفرا برميلية
وبدأنا نأخذ مواقعنا ودفاعاتنا وبعدها بنصف ساعة جاءت الطائرات القاذفة والمقاتلة
لدك المنطقة وجاء إلينا دعم من اللواء 14 مدرع واستمر القتال إلى آخر نهار يوم 7
يونيو وتحرك اللواء المدرع الإسرائيلى نحو قواتنا بعد حصوله على إشارة بذلك من
القوات الجوية وكانت الاشتباكات معها غير مؤثرة لأن الأربجيه لم يؤثر فى الدبابة
ودخل اللواء المدرع الإسرائيلى إلى موقع الكتيبة وبدأنا عملية الانسحاب بعد إصابة
عدد من الأفراد.
وصدرت الأوامر بالذهاب إلى منطقة الكاب على القناة ومررنا منها
وكان هناك قطار ينطلق من القنطرة إلى بورسعيد وتجمعت السرية فى مدرسة باشتوم الجميل
ولبسنا الملابس «البلدى» وتحركنا فى مركب صيد إلى بحيرة البردويل لالتقاط المصابين
الشاردين.
ثم عينت قائدا لموقع رأس العش والكاب والتينه - والحديث مازال للواء
محيى - نوح - وضعت فى كل موقع فصيلة ويوم 8/7/67 ظهرت أمامنا 4 عربات مجنزرة و2
دبابة إسرائيلية أمام موقع رأس العش أعطيت تعليمات للأفراد الموجودين بالاستعداد
وخرجت إلى فنطاس المياه ومعى أطقم أربجيه واستطعنا تدمير العربات الأربع وأصبنا
دبابة وفرت الأخرى بعدها بنصف ساعة حضرت طائرات العدو ومقاتلات فى ذلك الوقت كانت
قواتنا الجوية غير موجودة، وكذلك الدفاع الجوى، سحبت قواتى إلى منطقة الملاحات وقد
أصبت فى هذه العملية واستمر الطيران فى ضرب المنطقة حتى الثالثة فجراً وقام الطيران
بضرب المدنيين وفندق بورسعيد بعد أن فشل فى وقف مقاومتنا.
معركة رأس العش
*
من هم أبطال معركة رأس العش وكيف كانت عمليات حرب الاستنزاف؟
** معركة رأس العش
الأولى قامت بها أحد كتائب الصاعقة، وكان أبطالها الجزار وفتحى عبد الله وخليل جمعة
وعبد الوهاب الزهيرى وقد أوقفوا تقدم العدو إلى مدينة بورفؤاد وتحدث عنها الرئيس
عبد الناصر فى ذلك الوقت.
وتم اختيارى بعد ذلك للعمل بإدارة المخابرات الحربية
والاستطلاع للحصول على معلومات وضرب تجمعات العدو بالصواريخ وأذكر بعض العمليات
التى قمنا بها. ومنها الإغارة على موقع حصين أمام مدينة الإسماعيلية يوم 19 أبريل
69 عندما استشهد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة وصدرت إلينا
الأوامر بتنفيذ مهمة أطلق عليها «لسان التمساح»، حيث خرجنا كمجموعة إلى مبنى
الإرشاد الخاص بقناة السويس لاستطلاع الموقع وقمنا بإنشاء موقع مشابه له تمام
بالخلف وتدربنا عليه تدريبا جيدا جداً ويوم 19 أبريل ومع آخر ضوء توجهنا إلى مدينة
الإسماعيلية فى 6 قوارب حملت 64 فردا ومعنا أسلحتنا وبدأت المدفعية المصرية فى
الضفة الغربية إطلاق النيران على الموقع وركزت النيران على الجبهة، وذلك كعملية
تمويه حتى لا يعرف العدو اتجاهنا وبدأنا العبور إلى أن وصلنا جنوب الموقع، حيث كنا
على بعد 100 متر منه وبإشارة من المقدم إبراهيم الرفاعى قائد العملية بوقف ضرب
المدفعية عن الموقع، بدأنا مهاجمة الموقع بقيادة المقدم إبراهيم وكنت قائد مجموعة
اقتحام ونقيب أحمد رجائى عطية قائد مجموعة وملازم أول وئام سالم وملازم أول محسن طه
دمرنا الموقع بالكامل وقتلنا 40 فردا به كانت هى قوته، حيث تعاملنا معهم بالسلاح
الأبيض والرشاشات والقنابل وأنزلنا العلم الإسرائيلى واستولينا على أسلحة الموقع
وبتعليمات من القيادة بالانسحاب بعد ساعتين من احتلال الموقع نتيجة تحرك قوات العدو
وتركنا خلفنا 40 جثة من قوات العدو، وأصبت فى هذه العملية وتم نقلى بواسطة زملائى
إلى مستشفى القصاصين ومنها إلى مستشفى المعادى العسكرى بطائرة هليكوبتر وقابلنى على
الطائرة اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية فى هذا الوقت وكانت الدماء لوثت
ملابسى فأحضر لى ملابس جديدة وقال لى: أعد نفسك لأن القيادة سوف تلتقى بك وسوف
يلتقى بك الرئيس عبد الناصر لكى تحكى له ما حدث فى العملية.
لقاء الرئيس
*
كيف كان لقاؤك بالرئيس عبد الناصر أثناء إصابتك؟
** عندما وصلت إلى مستشفى
المعادى بعد إصابتى فى عملية لسان التمساح دخل علىّ الرئيس عبد الناصر ومعه السادات
الذى كان نائبا له فى ذلك الوقت والفريق محمد فوزى القائد العام وسأل الرئيس عبد
الناصر الأطباء هل ممكن أكلمه فعرفه علىّ اللواء محمد صادق وقال إننى كنت من بين
أفراد المجموعة 39 وحكيت للرئيس ما حدث فى العملية، وقال الرئيس عبد الناصر أطلب
منكم الاستزادة من هذه العمليات فقواتنا المسلحة خلفكم باستمرار وكل مطالبنا هى
مواصلة العمليات العسكرية وإنزال المزيد من الخسائر بقوات العدو لكسر الحاجز النفسى
بيننا وبين الإسرائيليين.
* وماذا بعد عملية لسان التمساح؟
** خرجت من
المستشفى وكان قرار المقدم إبراهيم الرفاعى إعادة العملية بنفس المجموعة وفى نفس
المكان وكان العدو قد حصن الموقع بالأسلاك الشائكة وبدأت المدفعية ضرب الموقع كما
حدث سابقا وبدأنا الدخول من ثغرة كان العدو يدخل ويخرج منها وكانت بالموقع عبوتان
فسفوريتان لكشف الأفراد انفجرت إحداهما فى مجموعة والأخرى فى مجموعة أحمد رجائى
وأصيب الفرد الخلفى للمجموعة إصابة قاتلة وأصبت فى ظهرى، وبدأنا نتعامل مع الدشم
بإلقاء القنابل فى داخل «المزاغل» وبدأنا نتعامل مع العدو فى معركة صاخبة وبدأت سحب
الفرد الذى أصيب خلفى داخل الثغرة وحمل الشهيد رفاعى سلاحى حتى خرجنا من الثغرة
والفرد الذى كان خلفى خرجت به محمولاً إلى شاطئ القناة، واستشهد منا عدد كبير فى
هذه المعركة نتيجة لتسرب بعض المعلومات عن العملية.
وهناك عملية أخرى حدثت فى
جنوب سيناء وكانت عبارة عن تدمير مطار الطور لمنع جولدا مائير من الزيارة التى كان
من المفترض أن تقوم بها لرفع معنويات الجنود الإسرائيليين فى سيناء وكان ذلك يوم
2/5/70 وتحركنا لمنطقة رصدة وكانت الرياح فى ذلك الوقت شديدة جداً وكان ارتفاع
الموج يزيد على 6 أمتار ولكن مع إصرارنا وإصرار إبراهيم الرفاعى على التنفيذ تحركنا
بالقوارب فى آخر ضوء متجهين إلى مطار الطور بعدد 6 قوارب و20 صاروخا 130م ومجموعة
الألغام وخلال تحركنا باتجاه المطار كنت واقفا فى مقدمة أحد الزوارق ونتيجة موجة
شديدة سقطت فى المياه فجاء فوقى حبل الباروما فأمسكت به ولم أتركه فإذا تركته سيشق
الرفاص الخاص بالقارب رأسيا أو أتوه بين الأمواج وفى هذه اللحظة جاءت لى صورة ابنتى
تحت الماء وأطلقت الشهادة فقد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الموت، «ولكن قدرة الله»
حيث قام مساعد لى بوقف القارب واستطعت أن أخرج وأقف مرة أخرى مع زملائى إلى أن
وصلنا إلى مركب شاحنة لبنانية شمال مطار الطور ارتفاعها بلغ 20 مترا فتسلقت المركب
ونصبت قواذف الصواريخ ومجموعة أخرى وضعت ألغاما على الطرق وتم ضرب مطار الطور لمدة
40 دقيقة وتم تدمير جزء كبير منه ولم يستطع العدو فى ذلك الوقت أن يفعل شيئاً مع
قواتنا ولم تستطع مائير النزول فى المطار ونزلت فى مكان آخر بعيدا عن المطار وتم
تدمير 3 عربات مجنزرة نتيجة اصطدامها بالألغام وسقط منا الرقيب غريب فى المياه
وبحثنا عنه إلى أن وجدناه.
حرب أكتوبر
وماذا كانت مهمة مجموعتك فى حرب
أكتوبر؟
فى حرب أكتوبر كانت المجموعة مكلفة بتدمير مواقع البترول فى الجنوب
وقمنا فى يوم 6 أكتوبر بإنزال كل الطائرات الهليكوبتر إلى جنوب سيناء ووصلنا إلى
منطقة الهدف وألقينا على مواقع البترول فى بلاعيم قنابل حارقة حولت المنطقة إلى
كتلة من اللهب.
بعد ذلك عدنا إلى منطقة التجمع لتدمير مواقع البترول فى منطقة
شراتيب وأبورديس وأبحرنا من الضفة الغربية إلى الشرقية ودمرنا مواقع البترول ثم
تجمعنا فى المنطقة الخلفية لنا ثم جاءت التعليمات للتوجه إلى مدينة الإسماعيلية
لنسف الكوبرى الذى أقامته إسرائيل لعبور الدبابات فى الثغرة، ولكن جاءت إلينا
تعليمات أخرى بعد أن قابلنا أحد الجنود المصابين، وأكد لنا أن العدو قام بنصب كمين
للدبابات فقمنا بنقل إحدى قواعد الصواريخ التى كانت بالضفة الشرقية وصعد الشهيد
إبراهيم الرفاعى إلى اعلى القاعدة ومعه طاقم مدفع 57 لضرب دبابات العدو وتم إصابة
دبابتين وأصيب واستشهد المقدم الرفاعى وكانت لحظة عصيبة بعدها توليت القيادة وذهبت
لتلقى التعليمات الجديدة فكان قرار قائد الجيش اللواء عبد المنعم خليل أن أتوجه إلى
منطقة جبل مريم للدفاع عن المنطقة حيث توجد دبابات للعدو توجهت مع المجموعة 39 إلى
منطقة جبل مريم وكانت هناك كتيبة مظلات تقاتل مع العميد محمود عبد الله وعقيد
إسماعيل عزمى ونقيب عاطف منصف وتعاملنا مع قوات العدو وقامت قوات الصاعقة فى ذلك
الوقت بتدمير قوات العدو فى منطقة الجناين وأبوعطوة حتى يوم 22/10.
بعد هزيمة 67
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]
صوره
نادره للابطال المجموعه 39 قتال
استطاع أبطال الصاعقة تسجيل العديد
من البطولات فى سجل القوات المسلحة خلال حرب الاستنزاف وحرب أكتوبر المجيدة فقد كان
لعمليات القوات الخاصة من رجال الصاعقة دور مهم فى إزالة حاجز الرهبة بعد حرب
67.
اللواء محيى نوح من أبطال الصاعقة وأحد أفراد المجموعة 39 خلال فترة حرب
الاستنزاف وحرب أكتوبر.. حدثنا عن المهام الصعبة لأبطال الصاعقة أثناء الحرب.
*
سألته ما هى ذكرياتك عن الحرب؟
** فقال: شاركت فى حرب اليمن وتم استدعانى لأشارك
مع القوات الخاصة فى 67 وشاركت فى حرب 73.
وأتذكر جيدا ما حدث عصر اليوم التالى
لهزيمة 67 ففى يوم 6 يونيو تم تكليفنا بالتوجه إلى منطقة الإسماعيلية وكنت فى ذلك
الوقت برتبة نقيب ولم نكن نعلم أن هناك انسحابا وفوجئنا بالقوات حتى وصلنا إلى
القنطرة ثم جاءت إلينا تعليمات بوجود لواء مدرع إسرائيلى قادم من العريش لاحتلال
منطقة القنطرة وتقابلنا فى منطقة جلبانة، وكان تسليحنا عبارة عن قنابل يدوية وآر بى
جيه رقم 2 وقنابل لاصقة وهذا بالنسبة لتسليح الدبابات الإسرائيلية «باتون 48» يعد
ضعيفاً جداً.
وبدأنا تحريك قواتنا يمينا وشمالا للمناورة ولكى يظن العدو أن
قواتنا كبيرة فتوقف اللواء المدرع عن الحركة حتى اليوم الثانى وفى الصباح جاءت
الطائرات الإسرائيلية لاستطلاع الموقع، فى ذلك الوقت كنا قد حفرنا حفرا برميلية
وبدأنا نأخذ مواقعنا ودفاعاتنا وبعدها بنصف ساعة جاءت الطائرات القاذفة والمقاتلة
لدك المنطقة وجاء إلينا دعم من اللواء 14 مدرع واستمر القتال إلى آخر نهار يوم 7
يونيو وتحرك اللواء المدرع الإسرائيلى نحو قواتنا بعد حصوله على إشارة بذلك من
القوات الجوية وكانت الاشتباكات معها غير مؤثرة لأن الأربجيه لم يؤثر فى الدبابة
ودخل اللواء المدرع الإسرائيلى إلى موقع الكتيبة وبدأنا عملية الانسحاب بعد إصابة
عدد من الأفراد.
وصدرت الأوامر بالذهاب إلى منطقة الكاب على القناة ومررنا منها
وكان هناك قطار ينطلق من القنطرة إلى بورسعيد وتجمعت السرية فى مدرسة باشتوم الجميل
ولبسنا الملابس «البلدى» وتحركنا فى مركب صيد إلى بحيرة البردويل لالتقاط المصابين
الشاردين.
ثم عينت قائدا لموقع رأس العش والكاب والتينه - والحديث مازال للواء
محيى - نوح - وضعت فى كل موقع فصيلة ويوم 8/7/67 ظهرت أمامنا 4 عربات مجنزرة و2
دبابة إسرائيلية أمام موقع رأس العش أعطيت تعليمات للأفراد الموجودين بالاستعداد
وخرجت إلى فنطاس المياه ومعى أطقم أربجيه واستطعنا تدمير العربات الأربع وأصبنا
دبابة وفرت الأخرى بعدها بنصف ساعة حضرت طائرات العدو ومقاتلات فى ذلك الوقت كانت
قواتنا الجوية غير موجودة، وكذلك الدفاع الجوى، سحبت قواتى إلى منطقة الملاحات وقد
أصبت فى هذه العملية واستمر الطيران فى ضرب المنطقة حتى الثالثة فجراً وقام الطيران
بضرب المدنيين وفندق بورسعيد بعد أن فشل فى وقف مقاومتنا.
معركة رأس العش
*
من هم أبطال معركة رأس العش وكيف كانت عمليات حرب الاستنزاف؟
** معركة رأس العش
الأولى قامت بها أحد كتائب الصاعقة، وكان أبطالها الجزار وفتحى عبد الله وخليل جمعة
وعبد الوهاب الزهيرى وقد أوقفوا تقدم العدو إلى مدينة بورفؤاد وتحدث عنها الرئيس
عبد الناصر فى ذلك الوقت.
وتم اختيارى بعد ذلك للعمل بإدارة المخابرات الحربية
والاستطلاع للحصول على معلومات وضرب تجمعات العدو بالصواريخ وأذكر بعض العمليات
التى قمنا بها. ومنها الإغارة على موقع حصين أمام مدينة الإسماعيلية يوم 19 أبريل
69 عندما استشهد الفريق عبد المنعم رياض رئيس أركان حرب القوات المسلحة وصدرت إلينا
الأوامر بتنفيذ مهمة أطلق عليها «لسان التمساح»، حيث خرجنا كمجموعة إلى مبنى
الإرشاد الخاص بقناة السويس لاستطلاع الموقع وقمنا بإنشاء موقع مشابه له تمام
بالخلف وتدربنا عليه تدريبا جيدا جداً ويوم 19 أبريل ومع آخر ضوء توجهنا إلى مدينة
الإسماعيلية فى 6 قوارب حملت 64 فردا ومعنا أسلحتنا وبدأت المدفعية المصرية فى
الضفة الغربية إطلاق النيران على الموقع وركزت النيران على الجبهة، وذلك كعملية
تمويه حتى لا يعرف العدو اتجاهنا وبدأنا العبور إلى أن وصلنا جنوب الموقع، حيث كنا
على بعد 100 متر منه وبإشارة من المقدم إبراهيم الرفاعى قائد العملية بوقف ضرب
المدفعية عن الموقع، بدأنا مهاجمة الموقع بقيادة المقدم إبراهيم وكنت قائد مجموعة
اقتحام ونقيب أحمد رجائى عطية قائد مجموعة وملازم أول وئام سالم وملازم أول محسن طه
دمرنا الموقع بالكامل وقتلنا 40 فردا به كانت هى قوته، حيث تعاملنا معهم بالسلاح
الأبيض والرشاشات والقنابل وأنزلنا العلم الإسرائيلى واستولينا على أسلحة الموقع
وبتعليمات من القيادة بالانسحاب بعد ساعتين من احتلال الموقع نتيجة تحرك قوات العدو
وتركنا خلفنا 40 جثة من قوات العدو، وأصبت فى هذه العملية وتم نقلى بواسطة زملائى
إلى مستشفى القصاصين ومنها إلى مستشفى المعادى العسكرى بطائرة هليكوبتر وقابلنى على
الطائرة اللواء محمد صادق مدير المخابرات الحربية فى هذا الوقت وكانت الدماء لوثت
ملابسى فأحضر لى ملابس جديدة وقال لى: أعد نفسك لأن القيادة سوف تلتقى بك وسوف
يلتقى بك الرئيس عبد الناصر لكى تحكى له ما حدث فى العملية.
لقاء الرئيس
*
كيف كان لقاؤك بالرئيس عبد الناصر أثناء إصابتك؟
** عندما وصلت إلى مستشفى
المعادى بعد إصابتى فى عملية لسان التمساح دخل علىّ الرئيس عبد الناصر ومعه السادات
الذى كان نائبا له فى ذلك الوقت والفريق محمد فوزى القائد العام وسأل الرئيس عبد
الناصر الأطباء هل ممكن أكلمه فعرفه علىّ اللواء محمد صادق وقال إننى كنت من بين
أفراد المجموعة 39 وحكيت للرئيس ما حدث فى العملية، وقال الرئيس عبد الناصر أطلب
منكم الاستزادة من هذه العمليات فقواتنا المسلحة خلفكم باستمرار وكل مطالبنا هى
مواصلة العمليات العسكرية وإنزال المزيد من الخسائر بقوات العدو لكسر الحاجز النفسى
بيننا وبين الإسرائيليين.
* وماذا بعد عملية لسان التمساح؟
** خرجت من
المستشفى وكان قرار المقدم إبراهيم الرفاعى إعادة العملية بنفس المجموعة وفى نفس
المكان وكان العدو قد حصن الموقع بالأسلاك الشائكة وبدأت المدفعية ضرب الموقع كما
حدث سابقا وبدأنا الدخول من ثغرة كان العدو يدخل ويخرج منها وكانت بالموقع عبوتان
فسفوريتان لكشف الأفراد انفجرت إحداهما فى مجموعة والأخرى فى مجموعة أحمد رجائى
وأصيب الفرد الخلفى للمجموعة إصابة قاتلة وأصبت فى ظهرى، وبدأنا نتعامل مع الدشم
بإلقاء القنابل فى داخل «المزاغل» وبدأنا نتعامل مع العدو فى معركة صاخبة وبدأت سحب
الفرد الذى أصيب خلفى داخل الثغرة وحمل الشهيد رفاعى سلاحى حتى خرجنا من الثغرة
والفرد الذى كان خلفى خرجت به محمولاً إلى شاطئ القناة، واستشهد منا عدد كبير فى
هذه المعركة نتيجة لتسرب بعض المعلومات عن العملية.
وهناك عملية أخرى حدثت فى
جنوب سيناء وكانت عبارة عن تدمير مطار الطور لمنع جولدا مائير من الزيارة التى كان
من المفترض أن تقوم بها لرفع معنويات الجنود الإسرائيليين فى سيناء وكان ذلك يوم
2/5/70 وتحركنا لمنطقة رصدة وكانت الرياح فى ذلك الوقت شديدة جداً وكان ارتفاع
الموج يزيد على 6 أمتار ولكن مع إصرارنا وإصرار إبراهيم الرفاعى على التنفيذ تحركنا
بالقوارب فى آخر ضوء متجهين إلى مطار الطور بعدد 6 قوارب و20 صاروخا 130م ومجموعة
الألغام وخلال تحركنا باتجاه المطار كنت واقفا فى مقدمة أحد الزوارق ونتيجة موجة
شديدة سقطت فى المياه فجاء فوقى حبل الباروما فأمسكت به ولم أتركه فإذا تركته سيشق
الرفاص الخاص بالقارب رأسيا أو أتوه بين الأمواج وفى هذه اللحظة جاءت لى صورة ابنتى
تحت الماء وأطلقت الشهادة فقد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الموت، «ولكن قدرة الله»
حيث قام مساعد لى بوقف القارب واستطعت أن أخرج وأقف مرة أخرى مع زملائى إلى أن
وصلنا إلى مركب شاحنة لبنانية شمال مطار الطور ارتفاعها بلغ 20 مترا فتسلقت المركب
ونصبت قواذف الصواريخ ومجموعة أخرى وضعت ألغاما على الطرق وتم ضرب مطار الطور لمدة
40 دقيقة وتم تدمير جزء كبير منه ولم يستطع العدو فى ذلك الوقت أن يفعل شيئاً مع
قواتنا ولم تستطع مائير النزول فى المطار ونزلت فى مكان آخر بعيدا عن المطار وتم
تدمير 3 عربات مجنزرة نتيجة اصطدامها بالألغام وسقط منا الرقيب غريب فى المياه
وبحثنا عنه إلى أن وجدناه.
حرب أكتوبر
وماذا كانت مهمة مجموعتك فى حرب
أكتوبر؟
فى حرب أكتوبر كانت المجموعة مكلفة بتدمير مواقع البترول فى الجنوب
وقمنا فى يوم 6 أكتوبر بإنزال كل الطائرات الهليكوبتر إلى جنوب سيناء ووصلنا إلى
منطقة الهدف وألقينا على مواقع البترول فى بلاعيم قنابل حارقة حولت المنطقة إلى
كتلة من اللهب.
بعد ذلك عدنا إلى منطقة التجمع لتدمير مواقع البترول فى منطقة
شراتيب وأبورديس وأبحرنا من الضفة الغربية إلى الشرقية ودمرنا مواقع البترول ثم
تجمعنا فى المنطقة الخلفية لنا ثم جاءت التعليمات للتوجه إلى مدينة الإسماعيلية
لنسف الكوبرى الذى أقامته إسرائيل لعبور الدبابات فى الثغرة، ولكن جاءت إلينا
تعليمات أخرى بعد أن قابلنا أحد الجنود المصابين، وأكد لنا أن العدو قام بنصب كمين
للدبابات فقمنا بنقل إحدى قواعد الصواريخ التى كانت بالضفة الشرقية وصعد الشهيد
إبراهيم الرفاعى إلى اعلى القاعدة ومعه طاقم مدفع 57 لضرب دبابات العدو وتم إصابة
دبابتين وأصيب واستشهد المقدم الرفاعى وكانت لحظة عصيبة بعدها توليت القيادة وذهبت
لتلقى التعليمات الجديدة فكان قرار قائد الجيش اللواء عبد المنعم خليل أن أتوجه إلى
منطقة جبل مريم للدفاع عن المنطقة حيث توجد دبابات للعدو توجهت مع المجموعة 39 إلى
منطقة جبل مريم وكانت هناك كتيبة مظلات تقاتل مع العميد محمود عبد الله وعقيد
إسماعيل عزمى ونقيب عاطف منصف وتعاملنا مع قوات العدو وقامت قوات الصاعقة فى ذلك
الوقت بتدمير قوات العدو فى منطقة الجناين وأبوعطوة حتى يوم 22/10.
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
اللواء محمد سعد إبراهيم :قوات الدفاع الجوى قطعت ذراع إسرائيل
اللواء محمد سعد إبراهيم :قوات الدفاع الجوى قطعت ذراع إسرائيل استطاع أبطال الدفاع الجوى عزف سيمفونية رائعة خلال حرب أكتوبر 73 من خلال التعاون بين وحدات المدفعية المضادة للطائرات ووحدات الصواريخ وهو ما أدى إلى قطع يد إسرائيل الطويلة التى كانت تتغنى بها دائماً، اللواء أركان حرب محمد سعد إبراهيم حاول فى لقائه معنا تذكر هذه اللحظات من خلال موقعه فى ذلك الوقت قائلا: يوم 4 أكتوبر تم استدعاؤنا إلى القيادة وكنت فى ذلك الوقت برتبة نقيب أعمل فى نطاق الجيش الثالث الميدانى بمنطقة السويس وكانت وحدتى مكلفة بتأمين وحدات مدفعية الميدان والتى تعاون قوات الجيش فى العمليات وتم تأكيد المهام لجميع الوحدات دون إعلان لأى توقيتات خاصة توقيت بدء العمليات. * كيف كانت ساعات ما قبل الضربة الجوية. ** كانت الجدية فى هذه المرة مختلفة عن المشروعات السابقة وهذا صعّد لنا الإحساس باقتراب الحرب، وهو ما نقلناه لمرؤوسينا بعد تأكيد المهام لهم مرة أخرى. وفى يوم 5 أكتوبر تسلمنا مظروفات مغلقة من قيادة اللواء إلى جميع الوحدات على أن يتم فتحها بأوامر دون العلم بمحتوياتها، كل هذا ونحن لا نعلم هل الحرب آتية أم لا؟ ولا يوجد سوى أحاسيس ترددت لدينا تؤكد أن الحرب قد اقتربت. الساعة 1330 يوم 6 أكتوبر تم استلام الأمر بفتح المظاريف المغلقة وتم فتحها ووجدنا بها بيان الضربة الجوية والطلعات فى منطقة المسئولية بالنسبة لوحدتى وأسلوب التأمين من خلال تقييد النيران أثناء الذهاب والتحذير أثناء العودة، ورغم ذلك لم نكن نصدق ما يحدث. كنا غرب القناة ونبعد عن المانع المائى 5كم والساعة 1405 بدأت الضربة الجوية بعبور الطائرات لقناة السويس وهنا تأكد لنا أن الحرب بدأت، ثم بدأت المدفعية الضرب فى توقيت واحد من الغرب إلى الشرق. الرد الإسرائيلى * ما هو المشهد مع بداية عبور القوات؟ ** اعتبارا من الساعة 1440 بدأت القوات الإسرائيلية فى توجيه الهجمات الجوية ضد مناطق العبور والقوات التى كانت تعبر باستخدام القوارب المطاطية والتى تستعد للعبور غرب القناة وأماكن تشوين وإقامة الكبارى وهنا بدأت الاشتباكات فانطلقت صواريخ الدفاع الجوى من وحدات الصواريخ المجاورة لنا. وقمت بالمرور على جميع أفراد وحدتى بالكامل لرفع معنوياتهم ووجدت الجنود والضباط غاية فى الشجاعة والإقدام. وبدأت الاشتباكات بواسطة وحدتى بالاشتراك مع وحدات الصواريخ وتم إسقاط طائرتين فى قطاعنا من طائرات العدو وبعد ساعتين توقفت الهجمات من جانب سلاح الجو الإسرائيلى تماماً وعلمنا بعد ذلك أن قيادة القوات الإسرائيلية أصدرت أوامرها إلى الطيارين بعدم الاقتراب من قناة السويس لمسافة 15 كم. ساعة 1500 وخلال ليلة 6 و7 أكتوبر صدرت لنا الأوامر بالاستعداد للتحرك والعبور شرق القناة اعتبارا من ساعة 900 صباح يوم 7 أكتوبر وتم التحرك بالفعل إلى الكوبرى المخصص للعبور ولم يتم العبور فى حينه نظراً لتأخير إنشاء الكوبرى نتيجة أعمال القصف الجوى فى المنطقة فما كان منا كوحدة دفاع جوى إلا الانتشار حول منطقة العبور والاشتباك مع الهجمات الجوية من قبل سلاح الجو الإسرائيلى التى كانت توجه ضد قواتنا التى تستعد للعبور وفى ساعة 1500 نجحت وحدات الكبارى فى إنشاء الكوبرى وتم عبور الوحدة ساعة 1600 يوم 7 أكتوبر وكان أول لقاء لنا مع الضفة الشرقية للقناة بعد غياب دام 6 سنوات منذ عام 67 وحتى أكتوبر 73. وتم دفع سرايا المدفعية المضادة للطائرات لاحتلال مواقعها التى سبق تحديدها على الخرائط فى خطة العمليات، وذلك بعد تأكيدها على الأرض وحتى ساعة 2100 يوم 7 أكتوبر تمت أعمال التجهيز للقيادة والمواقع وأصبحت جاهزة للقتال من الضفة الشرقية للقناة منذ ذلك التوقيت. ولا أنسى أن جميع الجنود سجدوا لله شكراً عقب وصولهم سيناء وهذه الصورة لا تفارق ذهنى أبداً، ولا يستطيع أى قلم وصفها فهو إحساس لا يوصف ولا يستشعره إلا من كان داخل الحدث نفسه. فرحة العبور * هل كنتم صائمين فى هذا اليوم؟ ** كنا جميعا صائمين وبدأ الإفطار الساعة 9 مساء بعد أن جهز لنا بعض الأفراد وجبة ساخنة وهناك صورة لا أنساها أيضاً فقد استطاع الجنود من شدة الفرحة والسعادة بالعبور إلى سيناء نسيان كل شىء سوى العبور. وأعود بك لأستكمل المشهد، ففى صباح يوم 8 أكتوبر كثف العدو هجماته الجوية ضد وحدات مدفعية الميدان وضد وحدات الدفاع الجوى، وتم قصف إحدى السرايا بواسطة الطيران الإسرائيلى، وأسقطت عليها قنابل زمنية وقنابل «بلى» وعندما أبلغنا قائد السرية بذلك تم إبلاغه بسرعة الإخلاء والمناورة إلى موقع آخر تبادلى مع اتباع كافة التعليمات والإجراءات الخاصة، وهنا أذكر شيئاً مهماً أن التدريب فى السلم يوفر الدم فى الحرب، وهذا مبدأ مهم جداً فى القوات المسلحة. وقد قام قائد السرية بناء على التدريبات التى قام بها من قبل وتم الأخلاء إلى موقع آخر. وتحركت كقائد إلى الموقع وقمت برفع معنويات الجنود وأشرفت على عملية الإخلاء وأكدت لهم أهمية استمرارهم فى القتال وتم بالفعل الإخلاء ومواصلة السرية للقتال من موقع آخر بديل كان مخططاً له من قبل. * كيف أمكنكم قطع يد إسرائيل الطويلة وتدمير عدد كبير من طائراتها؟. ** خلال يوم 9 و10 أكتوبر واصل الطيران الإسرائيلى هجماته مع استمرارنا فى التعامل والاشتباك معهم وسقطت خلال هذه المرحلة 4 طائرات فى قطاع المسئولية، وكان التعاون والتكامل بيننا وبين وحدات الصواريخ له دور كبير فى قطع يد إسرائيل الطويلة وتدمير عدد كبير من طائراتها، وبالتوازى مع ذلك كانت هناك عمليات التجهيز الهندسى ورفع كفاءة المواقع ومراكز القيادة، مما أدى إلى عدم حدوث خسائر تذكر نتيجة القصف الجوى أو الأرضى بواسطة مدفعية العدو والتى قامت بأعمال القصف المركز على مواقعنا. واستمرت أعمال القتال خلال الفترة من يوم 11 وحتى يوم 16 أكتوبر وبدأت المعركة فى التصاعد حتى بلغت ذروتها يوم 22 أكتوبر قبل وقف إطلاق النار لمعاونة أعمال قتال القوات البرية فى الثغرة، وخلال هذه المرحلة وقع عبء تأمين القوات شرق القناة فى نطاق الجيش الثالث الميدانى على وحدات المدفعية المضادة للطائرات نتيجة لمناورة وحدات الصواريخ (م.ط) إلى خارج الثغرة غرباً. وبالرغم من كثافة الهجمات من قبل الجيش الإسرائيلى خلال هذه الفترة لم تحدث خسائر تذكر فى وحدتى رغم الاشتباكات المتكررة مع الطيران الإسرائيلى، وذلك لاتباعنا قواعد الاشتباك التى تتناسب مع التفوق الجوى للطيران الإسرائيلى، وجاء ذلك بسبب الخبرة المكتسبة خلال حرب الاستنزاف. قوات بدر * وماذا عن الثغرة وحصار القوات المصرية؟. ** فى هذه المرحلة حاول بعض المشككين الحديث عنها للتقليل من حجم النصر الذى حققته القوات المسلحة، والعكس هو الصحيح. فقد أظهر الحصار المعدن الحقيقى للمقاتل المصرى فى ظل الظروف القاسية من حيث قلة معظم الموارد سواء من مياه أو وقود وفى ظل ندرة هذه الموارد وتكاتف الجميع فى التغلب على هذه الظروف من خلال إتباع مبدأ القليل يؤدى الغرض. فلم يتم التأثير على الروح المعنوية بل فجرّ هذا الموقف فى نفوس الجميع طاقات عظيمة وإبداعات خاصة تمثلت فى تنقية المياه من خلال الجنود الذين استدعوا ما درسوه من علم خاصة من المؤهلات العليا والمجندين فى الجيش. ووسط الحصار قامت القوات بإقامة حفلات سمر لرفع الروح المعنوية للجنود وقام القادة بأعمال المرور المستمرة على الوحدات الصغرى لرفع معنوياتها وتوعيتهم بأهمية استعدادها مرة أخرى للقتال عند صدور الأوامر.. وهذا يؤكد أننا كنا فى الثغرة مستعدين لتصفيتها مع القوات فى غرب القناة. وقد أظهر الحصار إنكار الذات وإيثار النفس عن قطعة عيش أو شربة مياه على كافة المستويات وزاد التلاحم بين الجميع وهذا معدن الجندى المصرى. وهنا اتذكر مشهدا لا أنساه أيضاً عندما انتهى الحصار فى 17 يناير بعد اتفاقية فصل القوات الأولى وبعد محادثات الكيلو 101 وتم فك الحصار وبدأ نزول الإجازات اعتبارا من أول فبراير 1974 فى قطارات سميت قطارات قوات بدر ونحن عائدون ركبنا القطار من المرج إلى رمسيس لنجد القاهرة عن بكرة أبيها خرجت لتحية هذه القوات وخرج الشيوخ والأطفال والرجال والسيدات حتى وصلنا إلى محطة رمسيس، وهذا يؤكد اعتزاز الشعب المصرى بقواته المسلحة، وهو مشهد سيظل محفورا فى الذاكرة مدى الحياة. |
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
اللواء عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء: الصاعقة زرعت الرعب فى نفوس الاسرائيلين
اللواء عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء: الصاعقة زرعت
الرعب فى نفوس الإسرائيليين
كعادة أبطال الصاعقة ينكرون الذات ولا يتحدثون عن
بطولات شخصية.. فهو يرتبط بسيناء ارتباطا غير عادى فقد بدأ حياته العسكرية فيها من
خلال بعض العمليات التى كلفت بها مجموعات الصاعقة خلف خطوط العدو.. يعرف دروبها
وجبالها وأوديتها وتربطه بقبائلها وسكان مدنها عــــــــلاقات مــــــــــودة
وصداقة.
إنه اللواء أركان حرب محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء.
*
حدثنا عن الأوضاع قبل حرب أكتوبر 73؟
** بداية تخرجت فى الكلية الحربية وانضممت
لإحدى مجموعات الصاعقة بالجيش الثالث حيث شاركت قوات الصاعقة فى المشروع
الاستراتيجى الذى سبق الحرب كأحد أعمال الخداع الاستراتيجى من ناحية وتدريب القوات
على العمليات من ناحية أخرى وقد استطاع أفراد قوات الصاعقة تحقيق نجاح أذهل العدو
الإسرائيلى ومن خلال العمليات التى قام بها أبطال المجموعات خلف خطوط العدو حيث
كانت منطقة العمليات الخاصة بهم تمتد من رأس محمد جنوبا وحتى البحر المتوسط شمالا
وكانت أعمال التدريب تتم بشكل يومى ولا ندرى موعد بدء العملية الكبرى التى نستعد
لها.
وكانت عمليات الصاعقة خلف خطوط العدو بشكل دائم لرفع الروح المعنوية للجنود
على الجبهة، فى الوقت نفسه إزالة حاجز الرهبة الذى صنعته إسرائيل عقب هزيمة
67.
ويضيف اللواء شوشة أن الحديث عن عملية واحدة فقط من عمليات قوات الصاعقة يعد
غير عادل فجميع العمليات التى قام بها هؤلاء الأبطال كانت عمليات تحدث عنها العالم
وتدرسها المؤسسات العلمية العسكرية.
لقد كان لقوات الصاعقة دور محورى فى الإعداد
لحرب أكتوبر كما كان لها دور رائد فى المعركة.
إن التدريب الجيد الذى قامت به
قوات الصاعقة كان وراء نجاح جميع العمليات التى نفذتها خلف خطوط العدو وكذلك
العمليات التى نفذتها خلال الحرب.
فقد كانت المهمة المحددة لنا هى السيطرة على
إمدادات العدو فى المعركة ومنعها من الوصول إلى الجبهة وذلك فى نفس المنطقة التى
تدربت فيها وهو ما قمنا به خلال حرب أكتوبر.
* تم عبور قوات الصاعقة خلال النسق
الأول فكيف تم عبور المجموعة التى كنت بها؟
** كان مخططا لقوات الصاعقة العبور
من خلال عمليات الإبرار الجوى وذلك عقب الضربة الجوية والتمهيد النيرانى بالمدفعية
لتصبح هذه المجموعات فى الصفوف الأولى لتمهيد الطريق أمام القوات البرية المتقدمة
فى الضفة الشرقية للقناة بعد عبورها المانع المائى.. وتم نقل مجموعتنا إلى الضفة
الشرقية يوم السادس من أكتوبر لتنفيذ العمليات المكلفة بها حيث استطاعت تأمين
القوات البرية (المشاة والمدرعات) وكانت جميع الألوية حريصة على وجود إحدى مجموعات
الصاعقة بها.
لقد استطاعت قوات الصاعقة تدمير عدد كبير من الدبابات خلال المعركة
وقتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين بالسلاح الأبيض خلال العمليات التى نفذتها فى
الضفة الشرقية لقد ذكر موشى ديان فى مذكراته أن قوات الصاعقة المصرية ذرعت الرعب فى
نفوس الجيش الإسرائيلى قائلا كنا نخشى أن نحرك حجرا فى سيناء فنفاجأ بخروج أحد
أفراد الصاعقة إلينا لمهاجمة الموقع وتدميره.
* هناك أحداث محفورة فى الذاكرة لا
يستطيع الإنسان نسيانها فما هى أهم هذه الأحداث التى دائما ما نتذكرها عند الاحتفال
بنصر أكتوبر؟
** يتعلم أفراد الصاعقة دائما العمل كفريق واحد خاصة أن أفراد
المجموعات يعيشون فى خندق واحد لمدد طويلة لا يوجد فرق بين ضابط وجندى كما أن هذه
القوات يتم تدريبها على تطويع الإمكانات المتاحة لدى الفرد لتوفير احتياجاته خلال
المعركة، وأذكر أننا خلال التدريبات فى أبريل وهو شهر ميلادى وجدت صف ضابط
بالمجموعة يأتى إلى قائلا (يا فندم أفراد المجموعة يرغبون فى اللقاء بكم) وكنا فى
وقت الراحة أبلغته موافقتى وبالفعل دخلت إلى مكان تواجد أفراد المجموعة داخل الخندق
لأجد المفاجأة. فقد قام الجنود بصناعة تورتة خاصة لعيد ميلادى.. توقفت للحظات
أتساءل كيف صنعوا هذه التورتة؟!، ودققت النظر فى التورتة فوجدتها عبارة عن رغيفين
عيش تم وضع المربى عليهما بشكل تعتقد من بعيد أنها تورتة واحتفلت معهم بعيد ميلادى
وكانت هذه أسعد لحظات حياتى التى لا أنساها.
* لسيناء وضع خاص عند اللواء محمد
عبد الفضيل شوشة.. لماذا؟
** هذه القطعة من أرض مصر أعشقها قبل دخولى الحياة
العسكرية وبعد تخرجى فى الكلية الحربية وانضمامى لمجموعات القوات الخاصة التى كان
مسرح عملياتها على هذه الأرض ويتميز فرد الصاعقة بحفظه لجميع الدروب والأودية
والجبال والسهول فى سيناء حتى يستطيع الحركة فيها بعيدا عن أعين قوات العدو وقد قام
البدو بمساعدة أفراد الصاعقة خلال العمليات سواء كدليل للمجموعة فى سيناء أو
بمساعدتهم فى عمليات المناورة والإخفاء، إن بدو سيناء رسموا ملحمة عظيمة خلال تلك
الفترة من 67 وحتى 73 بتعاونهم مع أفراد القوات المسلحة فهم يعشقون تراب هذا
البلد.
* هل تعتقد أن شباب هذا الجيل قادر على إحداث مثل هذه المعجزة؟
** إن
الشعب المصرى ذو معدن خاص فعند الأزمات تجد معدنه الأصيل.
الجميع يعمل من أجل
هذا الوطن وأعتقد أن شباب هذا الجيل قادر إذا وضع فى نفس الظروف أن يحدث نفس
المعجزة.
الرعب فى نفوس الإسرائيليين
كعادة أبطال الصاعقة ينكرون الذات ولا يتحدثون عن
بطولات شخصية.. فهو يرتبط بسيناء ارتباطا غير عادى فقد بدأ حياته العسكرية فيها من
خلال بعض العمليات التى كلفت بها مجموعات الصاعقة خلف خطوط العدو.. يعرف دروبها
وجبالها وأوديتها وتربطه بقبائلها وسكان مدنها عــــــــلاقات مــــــــــودة
وصداقة.
إنه اللواء أركان حرب محمد عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء.
*
حدثنا عن الأوضاع قبل حرب أكتوبر 73؟
** بداية تخرجت فى الكلية الحربية وانضممت
لإحدى مجموعات الصاعقة بالجيش الثالث حيث شاركت قوات الصاعقة فى المشروع
الاستراتيجى الذى سبق الحرب كأحد أعمال الخداع الاستراتيجى من ناحية وتدريب القوات
على العمليات من ناحية أخرى وقد استطاع أفراد قوات الصاعقة تحقيق نجاح أذهل العدو
الإسرائيلى ومن خلال العمليات التى قام بها أبطال المجموعات خلف خطوط العدو حيث
كانت منطقة العمليات الخاصة بهم تمتد من رأس محمد جنوبا وحتى البحر المتوسط شمالا
وكانت أعمال التدريب تتم بشكل يومى ولا ندرى موعد بدء العملية الكبرى التى نستعد
لها.
وكانت عمليات الصاعقة خلف خطوط العدو بشكل دائم لرفع الروح المعنوية للجنود
على الجبهة، فى الوقت نفسه إزالة حاجز الرهبة الذى صنعته إسرائيل عقب هزيمة
67.
ويضيف اللواء شوشة أن الحديث عن عملية واحدة فقط من عمليات قوات الصاعقة يعد
غير عادل فجميع العمليات التى قام بها هؤلاء الأبطال كانت عمليات تحدث عنها العالم
وتدرسها المؤسسات العلمية العسكرية.
لقد كان لقوات الصاعقة دور محورى فى الإعداد
لحرب أكتوبر كما كان لها دور رائد فى المعركة.
إن التدريب الجيد الذى قامت به
قوات الصاعقة كان وراء نجاح جميع العمليات التى نفذتها خلف خطوط العدو وكذلك
العمليات التى نفذتها خلال الحرب.
فقد كانت المهمة المحددة لنا هى السيطرة على
إمدادات العدو فى المعركة ومنعها من الوصول إلى الجبهة وذلك فى نفس المنطقة التى
تدربت فيها وهو ما قمنا به خلال حرب أكتوبر.
* تم عبور قوات الصاعقة خلال النسق
الأول فكيف تم عبور المجموعة التى كنت بها؟
** كان مخططا لقوات الصاعقة العبور
من خلال عمليات الإبرار الجوى وذلك عقب الضربة الجوية والتمهيد النيرانى بالمدفعية
لتصبح هذه المجموعات فى الصفوف الأولى لتمهيد الطريق أمام القوات البرية المتقدمة
فى الضفة الشرقية للقناة بعد عبورها المانع المائى.. وتم نقل مجموعتنا إلى الضفة
الشرقية يوم السادس من أكتوبر لتنفيذ العمليات المكلفة بها حيث استطاعت تأمين
القوات البرية (المشاة والمدرعات) وكانت جميع الألوية حريصة على وجود إحدى مجموعات
الصاعقة بها.
لقد استطاعت قوات الصاعقة تدمير عدد كبير من الدبابات خلال المعركة
وقتل عدد كبير من الجنود الإسرائيليين بالسلاح الأبيض خلال العمليات التى نفذتها فى
الضفة الشرقية لقد ذكر موشى ديان فى مذكراته أن قوات الصاعقة المصرية ذرعت الرعب فى
نفوس الجيش الإسرائيلى قائلا كنا نخشى أن نحرك حجرا فى سيناء فنفاجأ بخروج أحد
أفراد الصاعقة إلينا لمهاجمة الموقع وتدميره.
* هناك أحداث محفورة فى الذاكرة لا
يستطيع الإنسان نسيانها فما هى أهم هذه الأحداث التى دائما ما نتذكرها عند الاحتفال
بنصر أكتوبر؟
** يتعلم أفراد الصاعقة دائما العمل كفريق واحد خاصة أن أفراد
المجموعات يعيشون فى خندق واحد لمدد طويلة لا يوجد فرق بين ضابط وجندى كما أن هذه
القوات يتم تدريبها على تطويع الإمكانات المتاحة لدى الفرد لتوفير احتياجاته خلال
المعركة، وأذكر أننا خلال التدريبات فى أبريل وهو شهر ميلادى وجدت صف ضابط
بالمجموعة يأتى إلى قائلا (يا فندم أفراد المجموعة يرغبون فى اللقاء بكم) وكنا فى
وقت الراحة أبلغته موافقتى وبالفعل دخلت إلى مكان تواجد أفراد المجموعة داخل الخندق
لأجد المفاجأة. فقد قام الجنود بصناعة تورتة خاصة لعيد ميلادى.. توقفت للحظات
أتساءل كيف صنعوا هذه التورتة؟!، ودققت النظر فى التورتة فوجدتها عبارة عن رغيفين
عيش تم وضع المربى عليهما بشكل تعتقد من بعيد أنها تورتة واحتفلت معهم بعيد ميلادى
وكانت هذه أسعد لحظات حياتى التى لا أنساها.
* لسيناء وضع خاص عند اللواء محمد
عبد الفضيل شوشة.. لماذا؟
** هذه القطعة من أرض مصر أعشقها قبل دخولى الحياة
العسكرية وبعد تخرجى فى الكلية الحربية وانضمامى لمجموعات القوات الخاصة التى كان
مسرح عملياتها على هذه الأرض ويتميز فرد الصاعقة بحفظه لجميع الدروب والأودية
والجبال والسهول فى سيناء حتى يستطيع الحركة فيها بعيدا عن أعين قوات العدو وقد قام
البدو بمساعدة أفراد الصاعقة خلال العمليات سواء كدليل للمجموعة فى سيناء أو
بمساعدتهم فى عمليات المناورة والإخفاء، إن بدو سيناء رسموا ملحمة عظيمة خلال تلك
الفترة من 67 وحتى 73 بتعاونهم مع أفراد القوات المسلحة فهم يعشقون تراب هذا
البلد.
* هل تعتقد أن شباب هذا الجيل قادر على إحداث مثل هذه المعجزة؟
** إن
الشعب المصرى ذو معدن خاص فعند الأزمات تجد معدنه الأصيل.
الجميع يعمل من أجل
هذا الوطن وأعتقد أن شباب هذا الجيل قادر إذا وضع فى نفس الظروف أن يحدث نفس
المعجزة.
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
اللواء أحمد شكرى شبل: يرصد رادارات مصر البشرية داخل الجيش الإسرائيلى
اللواء أحمد شكرى شبل: يرصد رادارات مصر البشرية داخل
الجيش الإسرائيلى
استطاع ضباط المخابرات الحربية والاستطلاع القيام بدور محورى
فى حرب أكتوبر من خلال توفير المعلومات الخاصة بالعدو وتوضيح نقاط القوة والضعف على
الضفة الشرقية للقناة.. التقينا باللواء أحمد شكرى شبل والذى كان أحد أبطال حرب
أكتوبر 73 ليروى لنا المهام التى أسندت إليه فى ذلك الوقت.
قال: كنت برتبة نقيب
فى ذلك الوقت وقائد إحدى المجموعات خلف خطوط العدو والتى تم الدفع بها من قبل
القوات المسلحة للحصول على المعلومات التى تؤهل القوات لوضع قرار حرب أو تنفيذ مهمة
من خلال ناقطى المعلومة التى يتم إبلاغها إلى القيادة. للقوات المسلحة منذ عام 67
وبعد سرية يونيو نشطت إدارة المخابرات الحربية فى جمع المعلومات وحتى أكتوبر 73 بدأ
عمل مجموعات خلف خطوط العدو وكنت فى ذلك الوقت مازلت طالبا بالكلية الحربية حيث
تخرجت أوائل عام 68 وتم ضمى إلى أحد التشكيلات البرية وكان سلاح الاستطلاع تحت
الإنشاء وبدأ يعمل بجدية لأن أى نشاط على الجبهة لا يتم إلا من خلال معلومة تأتى عن
الجانب الآخر فى الضفة الشرقية لذا كان يجب الدفع بعناصر خلف خطوط العدو وعن طريق
القناة أو بأى وسيلة سواء من ناحية البحر الأحمر أو البحر المتوسط حتى تدخل سيناء
لتفقد مواقع العدو داخل سيناء من مطارات ورادارات ومراكز الإنذار والتشكيلات البرية
سواء كانت مدفعية أو مشاة أو مدرعات من خلال صورة كاملة لحجم وتوزيع القوات
الإسرائيلية فى سيناء سواء كان ذلك على المحور الشمالى أو الأوسط أو الجنوبى وكانت
مهمتنا الحصول على المعلومات وكان يتم تدريب عنصر الاستطلاع بداية من المستوى
التكتيكى ثم التعبوى ثم الاستراتيجى. فقد كان وجود فرد خلف خطوط العدو بمثابة رادار
بشرى يستطيع أن يدخل ويتحقق هل الموقع الإسرائيلى الموجود فى الضفة الشرقية للقناة
حقيقى أم هيكلى سواء فى مطار المليز أو مطار تمادا وهل الطائرات الموجودة حقيقية أم
هيكلية وكذلك مواقع الصواريخ فى مطار العوجا أو مطار رماد ديفيد المرة حتى شمال
الكاب والتيه فى منطقة بورسعيد وفى هذه المنطقة على الضفة الشرقية كان هناك أكثر من
نقطة قوية لليهود (الدفرسوار- تل سلام- نمرة 6- جنوب القنطرة- الكاب- التينة- ك10)
كل هذه النقاط عملت داخلها فى الضفة الشرقية للحصول على المعلومات عن حجم وتوزيع
القوات الإسرائيلية بأسلحتها المختلفة فى هذه الأماكن كل ذلك كان فى الفترة من 68
وحتى الحرب.
ويستطرد اللواء أحمد شبل قائلا لقد قمت بتنفيذ أكثر من مهمة فى هذه
الفترة. ولكن فى 73 كنا مجموعة احتياطى للدفع بها فى أية مهمة طارئة وكانت المهمة
التى تم تكليفى بها هى الذهاب إلى منطقة الدفرسوار لمعرفة كيف تم عمل الثغرة، كيفية
التعامل معها من قبل القوات المسلحة وردع القوات المعادية وتطويقها. وللإحاطة بها
من جميع الاتجاهات، كان مخططا الدفع بى إلى الضفة الشرقية للقناة للتواجد فى وسط
اليهود بمنطقة تل سلام والدفرسوار ولكن لم يتيسر ذلك فقمت باستغلال طبيعة المنطقة
سواء فى البحيرات المرة الكبرى والصغرى والتمساح وجزيرة البلاح، حيث كانت هذه
المنطقة بها سفن محتجزة لا يوجد بها أفراد ولا تتحرك فوجدت مركبا يمكن من خلال
تواجدى به جمع المعلومات عن الضفة الشرقية نظرا لتواجد هذا المركب فى البحيرة المرة
فى مواجهة منطقة تل سلام والتى كانت نقطة قوية تم تحريكها من جانب القوات المصرية
يوم 10 أكتوبر 71 ولكن تم إخلاؤها فى عملية تطوير الهجوم وكان فى رقم 2 هذه النقاط
كانت فى الفاصل بين الجيش الثانى والجيش الثالث وحاولت إسرائيل استغلال هذه النقاط
للدخول. فقد كانت إسرائيل قد فقدت معظم قواتها الجوية. لذلك فالطيران الإسرائيلى لم
تكن عليه علامة الجيش الإسرائيلى أو علامة القاعدة الجوية وإن كانت نفس الماركات
وهو ما يؤكد تدخل الطيران الأمريكى فى المعركة والتى أتت من جنوب أفريقيا والأسطول
السادس.
تدمير الإمدادات
ولكن بفضل الله فى خلال الأيام الخمسة التى قضيتها
فى هذه النقطة استطعنا تدمير أكثر من موقع مدفعية لليهود وتدمير أكثر من إمداد
لقوات المهندسين العسكريين فى الجيش الإسرائيلى وتدمير أكثر من موقع للوصول إلى
منطقة فايد.
واستطاعت القوات الجوية المصرية والمدفعية والمدرعات بناء على
المعلومات التى حصلت عليها تدمير إمدادات القوات الإسرائيلية لتطوير الثغرة.
وتم
عمل تطويق للثغرة من جانب القوات المصرية وهو ما جعل إسرائيل توافق على وقف إطلاق
النار.
وأضاف اللواء أحمد شكرى شبل أن مجموعات الاستطلاع كان لها دور رئيسى فى
هذه الملحمة. حيث استطاع أفراد هذه المجموعات رصد كل ما يدور فى الضفة الشرقية
للقناة أولا بأول وإبلاغه للقيادة.
الجيش الإسرائيلى
استطاع ضباط المخابرات الحربية والاستطلاع القيام بدور محورى
فى حرب أكتوبر من خلال توفير المعلومات الخاصة بالعدو وتوضيح نقاط القوة والضعف على
الضفة الشرقية للقناة.. التقينا باللواء أحمد شكرى شبل والذى كان أحد أبطال حرب
أكتوبر 73 ليروى لنا المهام التى أسندت إليه فى ذلك الوقت.
قال: كنت برتبة نقيب
فى ذلك الوقت وقائد إحدى المجموعات خلف خطوط العدو والتى تم الدفع بها من قبل
القوات المسلحة للحصول على المعلومات التى تؤهل القوات لوضع قرار حرب أو تنفيذ مهمة
من خلال ناقطى المعلومة التى يتم إبلاغها إلى القيادة. للقوات المسلحة منذ عام 67
وبعد سرية يونيو نشطت إدارة المخابرات الحربية فى جمع المعلومات وحتى أكتوبر 73 بدأ
عمل مجموعات خلف خطوط العدو وكنت فى ذلك الوقت مازلت طالبا بالكلية الحربية حيث
تخرجت أوائل عام 68 وتم ضمى إلى أحد التشكيلات البرية وكان سلاح الاستطلاع تحت
الإنشاء وبدأ يعمل بجدية لأن أى نشاط على الجبهة لا يتم إلا من خلال معلومة تأتى عن
الجانب الآخر فى الضفة الشرقية لذا كان يجب الدفع بعناصر خلف خطوط العدو وعن طريق
القناة أو بأى وسيلة سواء من ناحية البحر الأحمر أو البحر المتوسط حتى تدخل سيناء
لتفقد مواقع العدو داخل سيناء من مطارات ورادارات ومراكز الإنذار والتشكيلات البرية
سواء كانت مدفعية أو مشاة أو مدرعات من خلال صورة كاملة لحجم وتوزيع القوات
الإسرائيلية فى سيناء سواء كان ذلك على المحور الشمالى أو الأوسط أو الجنوبى وكانت
مهمتنا الحصول على المعلومات وكان يتم تدريب عنصر الاستطلاع بداية من المستوى
التكتيكى ثم التعبوى ثم الاستراتيجى. فقد كان وجود فرد خلف خطوط العدو بمثابة رادار
بشرى يستطيع أن يدخل ويتحقق هل الموقع الإسرائيلى الموجود فى الضفة الشرقية للقناة
حقيقى أم هيكلى سواء فى مطار المليز أو مطار تمادا وهل الطائرات الموجودة حقيقية أم
هيكلية وكذلك مواقع الصواريخ فى مطار العوجا أو مطار رماد ديفيد المرة حتى شمال
الكاب والتيه فى منطقة بورسعيد وفى هذه المنطقة على الضفة الشرقية كان هناك أكثر من
نقطة قوية لليهود (الدفرسوار- تل سلام- نمرة 6- جنوب القنطرة- الكاب- التينة- ك10)
كل هذه النقاط عملت داخلها فى الضفة الشرقية للحصول على المعلومات عن حجم وتوزيع
القوات الإسرائيلية بأسلحتها المختلفة فى هذه الأماكن كل ذلك كان فى الفترة من 68
وحتى الحرب.
ويستطرد اللواء أحمد شبل قائلا لقد قمت بتنفيذ أكثر من مهمة فى هذه
الفترة. ولكن فى 73 كنا مجموعة احتياطى للدفع بها فى أية مهمة طارئة وكانت المهمة
التى تم تكليفى بها هى الذهاب إلى منطقة الدفرسوار لمعرفة كيف تم عمل الثغرة، كيفية
التعامل معها من قبل القوات المسلحة وردع القوات المعادية وتطويقها. وللإحاطة بها
من جميع الاتجاهات، كان مخططا الدفع بى إلى الضفة الشرقية للقناة للتواجد فى وسط
اليهود بمنطقة تل سلام والدفرسوار ولكن لم يتيسر ذلك فقمت باستغلال طبيعة المنطقة
سواء فى البحيرات المرة الكبرى والصغرى والتمساح وجزيرة البلاح، حيث كانت هذه
المنطقة بها سفن محتجزة لا يوجد بها أفراد ولا تتحرك فوجدت مركبا يمكن من خلال
تواجدى به جمع المعلومات عن الضفة الشرقية نظرا لتواجد هذا المركب فى البحيرة المرة
فى مواجهة منطقة تل سلام والتى كانت نقطة قوية تم تحريكها من جانب القوات المصرية
يوم 10 أكتوبر 71 ولكن تم إخلاؤها فى عملية تطوير الهجوم وكان فى رقم 2 هذه النقاط
كانت فى الفاصل بين الجيش الثانى والجيش الثالث وحاولت إسرائيل استغلال هذه النقاط
للدخول. فقد كانت إسرائيل قد فقدت معظم قواتها الجوية. لذلك فالطيران الإسرائيلى لم
تكن عليه علامة الجيش الإسرائيلى أو علامة القاعدة الجوية وإن كانت نفس الماركات
وهو ما يؤكد تدخل الطيران الأمريكى فى المعركة والتى أتت من جنوب أفريقيا والأسطول
السادس.
تدمير الإمدادات
ولكن بفضل الله فى خلال الأيام الخمسة التى قضيتها
فى هذه النقطة استطعنا تدمير أكثر من موقع مدفعية لليهود وتدمير أكثر من إمداد
لقوات المهندسين العسكريين فى الجيش الإسرائيلى وتدمير أكثر من موقع للوصول إلى
منطقة فايد.
واستطاعت القوات الجوية المصرية والمدفعية والمدرعات بناء على
المعلومات التى حصلت عليها تدمير إمدادات القوات الإسرائيلية لتطوير الثغرة.
وتم
عمل تطويق للثغرة من جانب القوات المصرية وهو ما جعل إسرائيل توافق على وقف إطلاق
النار.
وأضاف اللواء أحمد شكرى شبل أن مجموعات الاستطلاع كان لها دور رئيسى فى
هذه الملحمة. حيث استطاع أفراد هذه المجموعات رصد كل ما يدور فى الضفة الشرقية
للقناة أولا بأول وإبلاغه للقيادة.
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
د. عبد القادر حاتم يكشف: أســــــــرار الخداع الإعلامى قبل وأثناء الحرب
د. عبد القادر حاتم يكشف: أســــــــرار الخداع
الإعلامى قبل وأثناء الحرب
«سيدى الرئيس قبل أى حديث بيننا أرغب أن تقول لى سيادتكم كيف
تمكنتم من خداع مخابراتنا وخداع العالم بهذا التعتيم الإعلامى حول بدء الحرب لقد
كان الأمر مفاجأة بل معجزة لم أرها فى حياتى».. هكذا اندهش وزير الخارجية الأسبق
هنرى كيسنجر أمام الرئيس السادات فى أول لقاء معه بعد نصر أكتوبر ولم يكن وزير
الدفاع الإسرائيلى آنذاك موشى ديان أقل اندهاشا من كيسنجر فقد قال: «لم أفكر أن
الحرب ستقع ولم يؤكد لى أحد أنها ستقع بالفعل»!
هذه الأقوال وغيرها لكبار
الساسة والعسكريين فى العالم أكدت بما لا ينكره أحد أن هناك تخطيطا استراتيجيا
إعلاميا استطاع خداع العدو الإسرائيلى مما حقق عنصر المفاجأة فى الحرب.. ولهذا
الدور الحيوى للإعلام كان لابد أن نلتقى صاحب هذه الملحمة الإعلامية الدكتور محمد
عبد القادر حاتم وزير الإعلام الأسبق ورئيس الوزراء بالإنابة أثناء حرب أكتوبر وشيخ
الإعلاميين العرب والرئيس الأسبق للمجالس القومية المتخصصة.
* تحدث الكثير من
الخبراء عن الخدعة الإعلامية التى مارستها القيادة السياسية قبل الحرب فما هى
قصتها؟!
** قال الرئيس الأمريكى نيكسون عن هذه الخطة بعد العبور وبالحرف الواحد:
«إنها خيبة أمل كبيرة منيت بها المخابرات الأمريكية المركزية وكذلك المخابــــرات
الإسرائيلية المتعاونة معها. إننا لم نعلم أن حرب 6 أكتوبر 73 سوف تندلع ضد إسرائيل
إلا قبلها بساعات قليلة.
وقال عنها وزير الخارجية الأمريكى فى ذلك الوقت هنرى
كيسنجر فى أول لقاء له مع الرئيس السادات وبالحرف الواحد أيضا عندما جاء إلى
القاهرة لأول مرة: «سيدى الرئيس قبل أى حديث بيننا أرغب من سيادتكم أن تقول لى كيف
أمكن لمصر أن تخدعنا وتخدع مخابراتنا وتخدع العالم بهذا التعتيم الإعلامى؟! لقد
كانت المفاجأة معجزة لم تحدث من قبل لى فى حياتى!
وقال عنها رئيس الاستخبارات
العسكرية الإسرائيلية إيلى زعيرا فى كتابه «حرب الغفران أسطورة فى مواجهة الواقع»:
لقد تبين لنا أن كل موضوعات الإعلام المصرى كانت حملة خداع من جانب الرئيس المصرى
أنور السادات أو شخص بجواره وأن ذلك يعتبر نجاحا كبيرا لمصر فى حرب يوم
الغفران.
وقال عنها وزير الحربية الإسرائيلى موشى ديان: «لم أفكر أنا شخصيا فى
أن الحرب ستقع ولم أسمع من أى شخص أن الحرب ستقع حقا». وغيرها من الأقوال الأخرى
لكبار رجال السياسة العسكريين فى العالم.
القصة تبدأ من شهر مارس 73 عندما
استدعانى الرئيس السادات لمقابلته لأمر مهم بمنزله فى الجيزة وأخبرنى بأنه يفكر فى
اتخاذ قرار الحرب لاسترداد الأرض المغتصبة وأضاف: «إن الكثيرين سيشككون فى هذا
الأمر إلا أننى جاد فيه وهذا قدرى، وعرفت منه أنه سيحتاج إلى التفرغ التام حتى
يتسنى له مباشرة مهام قيادة القوات المسلحة للإعداد العسكرى إلى جانب مهام السياسة
الخارجية.
وأبلغنى فى هذه الجلسة باختياره لى لأكون إلى جانب منصبى كوزير
للإعلام رئيسا لمجلس الوزراء بالنيابة عنه وأن أتولى رئاسة الحكومة المكلفة بإعداد
الدولة للحرب وأن أكون مسئولا دستوريا عن أعمال الحكومة أمام مجلس الشعب وكلفنى
بإلقاء بيان الحكومة أمام مجلس الشعب وألقيت بالفعل هذا البيان القصير والصريح
والحاسم فى ذلك الوقت وذهبت إليه ومعى خطة إعلامية ومدنية كاملة لإعداد الدولة
للحرب.
* بعد 36 عاما نود أن يكشف لنا د. حاتم عن حجم هذه السرية ومدى نجاح
الخطة؟
** لابد من التأكيد مرة أخرى على أهمية السرية التامة التى قمنا بها فى
مسألة إعداد الدولة للحرب وتحقيق المفاجأة الاستراتيجية التى أذهلت العالم كله وليس
إسرائيل والولايات المتحدة فقط، فقد اعتمدنا فى تحقيق هذه المهمة على أعلى درجات
السرية والكتمان التام بحيث لا يتسرب عنها ولو خبر بسيط إلى العدو حتى نضمن نجاح
هذه المهمة واتفقت مع الرئيس السادات على إقرار خطة واسعة من الخداع والتضليل
المعلوماتى والتعتيم الإعلامى حول موعد الحرب حتى يتسنى لنا تجهيز وإعداد قدراتنا
الذاتية لنكون فى وضع يؤهلنا للحرب وتحقيق النصر. واعتمدنا فى هذه الخطة على أهمية
امتلاكنا لعنصرى المبادأة والمفاجأة تواكبهما فى نفس التوقيت وبحرفية متناهية عملية
الخداع والتضليل والتعتيم الإعلامى والتأكيد للعدو وللعالم من خلال أجهزتنا
الإعلامية وبثها داخليا ونشراتنا الإعلامية خارجيا أن مصر وقواتها المسلحة فى حالة
استرخاء تام. وبمعنى آخر تضليل العدو وإقناعه طوال فترة إعداد الدولة للحرب بأننا
غير مؤهلين لدخول حرب أخرى بعد نكسة 67 وذلك حتى تكتمل استعداداتنا العسكرية للقيام
بهذه المعركة الفاصلة ودون أن تتسرب إلى العدو أية معلومات أو أخبار ولو صغيرة عن
هذه الخطة.
ساعة الصفر
* وماذا عن ساعة الصفر؟
** جاءت المفاجأة التكتيكية
عند تحديد ساعة الصفر مكملة للنجاح خصوصا بعد أن تم تحديد وقت الهجوم بالتنسيق بين
صاحب القرار السياسى والقائد العام للقوات المسلحة وبعد أن تم تجهيز قواتنا بعمليات
التدريب الشاقة التى أكدت كفاءة المقاتل المصرى واستيعابه لنوع التسليح والأجهزة
والمعدات الحربية المستخدمة والتأكد من المستوى القتالى المتميز للقوات واختيار
اليوم المناسب للمفاجأة التكتيكية والذى تم فى الثانية وخمس دقائق ظهر يوم السبت 6
أكتوبر الموافق العاشر من رمضان وكانت فيه الضربة الجوية الرائعة وهى المفاجأة التى
أذهلت العدو وشلت حركته وكانت المفتاح الحقيقى لتحقيق أكبر انتصار فى تاريخ
العسكرية المصرية.
* هل كانت هناك تعليمات محددة وواضحة يلتزم بها الإعلاميون
أثناء حرب أكتوبر 73؟
** قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد أن أقول إننى وضعت
أمامى الصورة الكاملة التى يجب أن يكون عليها الإعلام المصرى فى أكتوبر بحيث لا نقع
فى الأخطاء التى حدثت أثناء نكسة 67 حيث أسهم إعلام النكسة فى ذلك الوقت فى صنع جسر
من عدم الثقة بين الشعب والحكومة.
وبناء على دراسة هذه الأخطاء قررت أن يكون
إعلامنا فى حرب 6 أكتوبر 73 مختلفا تماما عن إعلام 67. إعلاما يعيد الثقة بين الشعب
والحكومة ويزيل كل السلبيات الماضية ويكون مرجعا ومصدر ثقة كل وسائل الإعلام فى
مختلف أنحاء العالم ويكون إعلاما صادقا نعود إليه كمرجع موثوق عند أى خلاف بينه
وبين جهات أخرى خارج مصر.. هذه هى عودة الثقة لإعلامنا المصرى.
* نريد أن
تذكّرنا ببعض المواقف المهمة التى أعادت الثقة فى إعلامنا المصرى؟
** عندما
أبلغنى المشير أحمد إسماعيل رحمه الله بأن قواتنا المصرية كبدت العدو خسائر فادحة
فى معركة الدبابات وأن العدو خسر فى هذه المعركة 70 دبابة وسمعت إذاعة إسرائيل تذيع
خبرا عن هذه المعركة بالذات توضح فيه أنها خسرت خمسين دبابة أصدرت تعليماتى فى
الحال إلى رئيس الإذاعة ليذيع بيانا بأن قواتنا المسلحة دمرت ثلاثين دبابة للعدو فى
معركة الدبابات وتمت إذاعته وبعدها مباشرة اتصل بى المشير أحمد إسماعيل رحمه الله
ليقول لى إنه استمع من إذاعتنا لخبر معركة الدبابات وأخبرته بأن ما يقوله صحيح
بالفعل ولكن هدفنا من إذاعة الثلاثين دبابة فقط رغم إعلان إسرائيل بأنها خسرت خمسين
دبابة فى هذه المعركة هو سعينا لاسترداد ثقة العالم فى مصداقية الإعلام المصرى.
فبرغم ما أذاعته كل أجهزة الإعلام العالمية فى هذه المعركة فإن الإعلام المصرى
اكتسب مصداقية العالم كله. وبذلك استطعنا استرداد ثقة العالم فى إعلامنا وأن
إسرائيل هى التى تذيع الأكاذيب.
وكان العالم قد اكتشف كذبها عندما أذاعت من قبل
أنها هشّمت عظام المصريين، بينما نحن حطمنا خط بارليف ورفعنا العلم المصرى فى مواقع
عديدة على أرض سيناء وأسرنا عددا كبيرا من الجنود الإسرائيليين بينهم عساف ياجورى
ولم نذع هذا الخبر إلا بعد أن أذاعته أجهزة الإعلام العالمية.
* ما هى قصة
الإذاعة العبرية وما دورها أثناء المعركة؟!
** عندما قررت إنشاء الإذاعة العبرية
كان هدفى من وراء إنشائها أن تصل إلينا أخبار إسرائيل وأن نقدم لها أخبارنا بما
تتضمنه من تعتيم وتضليل إعلامى وما نخفيه عن إسرائيل من استعدادنا لقيام الحرب أو
أننا سندخل المعركة، بل نريد أن نوهم إسرائيل بأن قواتنا المسلحة فى حالة استرخاء
تام وإحباط ويأس بعد نكسة 67 وتصور البعض أن مجرد التفكير فى شفائنا من هذه الوعكة
يحتاج إلى مدة طويلة. وقد نجحت الإذاعة العبرية التى لم يعرف أحد مكانها ولا من أية
دولة تبث إرسالها فى تحقيق رسالتنا الإعلامية وقد استهدفت شريحة كبيرة من الشباب
الإسرائيلى وكانت تركز على أمر مهم وهو أن مصر تكره الحرب وتعتبرها إثما كبيرا وقد
حرّمتها كل الأديان السماوية من يهودية ومسيحية وإسلام.. وكانت إسرائيل قد أعلنت عن
قيامها بمناورة عسكرية فى سيناء المحتلة وكان من المفترض أن يصدر بيان عن مصر أو
أخبار عن رد فعلنا عن هذه المناورة. وكان ردنا كما أذكر سلبيا للغاية فقد تجاهلنا
هذه المناورة تماما ولم يصدر عنا أى تعليق بشأنها فى جميع وسائلنا الإعلامية رغم
استمرارها لمدة أسبوعين وعلى مرآى من قواتنا غرب القناة. وكان لهذا التجاهل
والتضليل أثره الكبير فى خداع إسرائيل وتأكدها بأننا شعب لا يريد الحرب وأننا
عاجزون تماما عن القيام بأى عمل عسكرى فى هذه الفترة وهو ما أكدته الإذاعة العبرية
من خلال أقوال السياسيين والعسكريين ليس فى مصر وحدها بل فى كثير من دول العالم ومن
بعض أصدقاء إسرائيل نفسها، كما أوضحت الإذاعة العبرية من خلال خطتنا الإعلامية فى
التضليل والتعتيم أن العرب عموما لا يعرفون العمل الجماعى ولكنهم يقدرون العمل
الفردى الذى يحقق لهم مصالحهم الخاصة.
* ماذا عن الأغنيات التى تم إنتاجها
وإذاعتها أثناء الحرب؟
** الشعب كله والفنانون.. الجميع كانوا متأثرين بأجواء
ومشاعر الحرب ومنفعلين بالجو العام الذى يستشعره الناس وحاول كل فنان أن يشارك فى
الفرح وأن ينقل مشاعره وفرحه إلى الناس. وأذكر مثالا يؤكد حماسة الجميع للتعبير عن
النصر بطله الموسيقار بليغ حمدى الذى أراد أن يفعل شيئا يعبر به عن شعوره بالفرح
للنصر الذى يتحقق فذهب إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون وفوجئ بليغ بأن الأبواب مغلقة
تنفيذاً لإجراءات الأمن وأصدرت تعليماتى إلى رئيس الإذاعة بالسماح له بالدخول وحضر
إليه الشاعر عبد الرحيم منصور على الفور وكتب بليغ النوتة الموسيقية بالشكل العام
للحن والجملة الموسيقية للكورال المستوحاة من كلمة «بسم الله» التى سمعها بليغ من
خطابات الرئيس وأصوات المذيعين فى بدايات البيانات العسكرية.
وتصدرت جريدة
الأهرام فى اليوم الثانى لنصر أكتوبر فى صفحتها الأولى افتتاحية الكاتب الكبير
توفيق الحكيم بعنوان «عبرنا الهزيمة» وقرأها بليغ حمدى وكتب عبد الرحيم منصور كلمات
«عبرنا الهزيمة.. يا مصر يا عظيمة وباسمك يا بلادى.. تشتد العزيمة باسمك يا بلادى
عدينا القنال باسمك يا حبيتى مصر يا حبيبتى» وتم تسجيلها.
الإعلامى قبل وأثناء الحرب
«سيدى الرئيس قبل أى حديث بيننا أرغب أن تقول لى سيادتكم كيف
تمكنتم من خداع مخابراتنا وخداع العالم بهذا التعتيم الإعلامى حول بدء الحرب لقد
كان الأمر مفاجأة بل معجزة لم أرها فى حياتى».. هكذا اندهش وزير الخارجية الأسبق
هنرى كيسنجر أمام الرئيس السادات فى أول لقاء معه بعد نصر أكتوبر ولم يكن وزير
الدفاع الإسرائيلى آنذاك موشى ديان أقل اندهاشا من كيسنجر فقد قال: «لم أفكر أن
الحرب ستقع ولم يؤكد لى أحد أنها ستقع بالفعل»!
هذه الأقوال وغيرها لكبار
الساسة والعسكريين فى العالم أكدت بما لا ينكره أحد أن هناك تخطيطا استراتيجيا
إعلاميا استطاع خداع العدو الإسرائيلى مما حقق عنصر المفاجأة فى الحرب.. ولهذا
الدور الحيوى للإعلام كان لابد أن نلتقى صاحب هذه الملحمة الإعلامية الدكتور محمد
عبد القادر حاتم وزير الإعلام الأسبق ورئيس الوزراء بالإنابة أثناء حرب أكتوبر وشيخ
الإعلاميين العرب والرئيس الأسبق للمجالس القومية المتخصصة.
* تحدث الكثير من
الخبراء عن الخدعة الإعلامية التى مارستها القيادة السياسية قبل الحرب فما هى
قصتها؟!
** قال الرئيس الأمريكى نيكسون عن هذه الخطة بعد العبور وبالحرف الواحد:
«إنها خيبة أمل كبيرة منيت بها المخابرات الأمريكية المركزية وكذلك المخابــــرات
الإسرائيلية المتعاونة معها. إننا لم نعلم أن حرب 6 أكتوبر 73 سوف تندلع ضد إسرائيل
إلا قبلها بساعات قليلة.
وقال عنها وزير الخارجية الأمريكى فى ذلك الوقت هنرى
كيسنجر فى أول لقاء له مع الرئيس السادات وبالحرف الواحد أيضا عندما جاء إلى
القاهرة لأول مرة: «سيدى الرئيس قبل أى حديث بيننا أرغب من سيادتكم أن تقول لى كيف
أمكن لمصر أن تخدعنا وتخدع مخابراتنا وتخدع العالم بهذا التعتيم الإعلامى؟! لقد
كانت المفاجأة معجزة لم تحدث من قبل لى فى حياتى!
وقال عنها رئيس الاستخبارات
العسكرية الإسرائيلية إيلى زعيرا فى كتابه «حرب الغفران أسطورة فى مواجهة الواقع»:
لقد تبين لنا أن كل موضوعات الإعلام المصرى كانت حملة خداع من جانب الرئيس المصرى
أنور السادات أو شخص بجواره وأن ذلك يعتبر نجاحا كبيرا لمصر فى حرب يوم
الغفران.
وقال عنها وزير الحربية الإسرائيلى موشى ديان: «لم أفكر أنا شخصيا فى
أن الحرب ستقع ولم أسمع من أى شخص أن الحرب ستقع حقا». وغيرها من الأقوال الأخرى
لكبار رجال السياسة العسكريين فى العالم.
القصة تبدأ من شهر مارس 73 عندما
استدعانى الرئيس السادات لمقابلته لأمر مهم بمنزله فى الجيزة وأخبرنى بأنه يفكر فى
اتخاذ قرار الحرب لاسترداد الأرض المغتصبة وأضاف: «إن الكثيرين سيشككون فى هذا
الأمر إلا أننى جاد فيه وهذا قدرى، وعرفت منه أنه سيحتاج إلى التفرغ التام حتى
يتسنى له مباشرة مهام قيادة القوات المسلحة للإعداد العسكرى إلى جانب مهام السياسة
الخارجية.
وأبلغنى فى هذه الجلسة باختياره لى لأكون إلى جانب منصبى كوزير
للإعلام رئيسا لمجلس الوزراء بالنيابة عنه وأن أتولى رئاسة الحكومة المكلفة بإعداد
الدولة للحرب وأن أكون مسئولا دستوريا عن أعمال الحكومة أمام مجلس الشعب وكلفنى
بإلقاء بيان الحكومة أمام مجلس الشعب وألقيت بالفعل هذا البيان القصير والصريح
والحاسم فى ذلك الوقت وذهبت إليه ومعى خطة إعلامية ومدنية كاملة لإعداد الدولة
للحرب.
* بعد 36 عاما نود أن يكشف لنا د. حاتم عن حجم هذه السرية ومدى نجاح
الخطة؟
** لابد من التأكيد مرة أخرى على أهمية السرية التامة التى قمنا بها فى
مسألة إعداد الدولة للحرب وتحقيق المفاجأة الاستراتيجية التى أذهلت العالم كله وليس
إسرائيل والولايات المتحدة فقط، فقد اعتمدنا فى تحقيق هذه المهمة على أعلى درجات
السرية والكتمان التام بحيث لا يتسرب عنها ولو خبر بسيط إلى العدو حتى نضمن نجاح
هذه المهمة واتفقت مع الرئيس السادات على إقرار خطة واسعة من الخداع والتضليل
المعلوماتى والتعتيم الإعلامى حول موعد الحرب حتى يتسنى لنا تجهيز وإعداد قدراتنا
الذاتية لنكون فى وضع يؤهلنا للحرب وتحقيق النصر. واعتمدنا فى هذه الخطة على أهمية
امتلاكنا لعنصرى المبادأة والمفاجأة تواكبهما فى نفس التوقيت وبحرفية متناهية عملية
الخداع والتضليل والتعتيم الإعلامى والتأكيد للعدو وللعالم من خلال أجهزتنا
الإعلامية وبثها داخليا ونشراتنا الإعلامية خارجيا أن مصر وقواتها المسلحة فى حالة
استرخاء تام. وبمعنى آخر تضليل العدو وإقناعه طوال فترة إعداد الدولة للحرب بأننا
غير مؤهلين لدخول حرب أخرى بعد نكسة 67 وذلك حتى تكتمل استعداداتنا العسكرية للقيام
بهذه المعركة الفاصلة ودون أن تتسرب إلى العدو أية معلومات أو أخبار ولو صغيرة عن
هذه الخطة.
ساعة الصفر
* وماذا عن ساعة الصفر؟
** جاءت المفاجأة التكتيكية
عند تحديد ساعة الصفر مكملة للنجاح خصوصا بعد أن تم تحديد وقت الهجوم بالتنسيق بين
صاحب القرار السياسى والقائد العام للقوات المسلحة وبعد أن تم تجهيز قواتنا بعمليات
التدريب الشاقة التى أكدت كفاءة المقاتل المصرى واستيعابه لنوع التسليح والأجهزة
والمعدات الحربية المستخدمة والتأكد من المستوى القتالى المتميز للقوات واختيار
اليوم المناسب للمفاجأة التكتيكية والذى تم فى الثانية وخمس دقائق ظهر يوم السبت 6
أكتوبر الموافق العاشر من رمضان وكانت فيه الضربة الجوية الرائعة وهى المفاجأة التى
أذهلت العدو وشلت حركته وكانت المفتاح الحقيقى لتحقيق أكبر انتصار فى تاريخ
العسكرية المصرية.
* هل كانت هناك تعليمات محددة وواضحة يلتزم بها الإعلاميون
أثناء حرب أكتوبر 73؟
** قبل الإجابة عن هذا السؤال لابد أن أقول إننى وضعت
أمامى الصورة الكاملة التى يجب أن يكون عليها الإعلام المصرى فى أكتوبر بحيث لا نقع
فى الأخطاء التى حدثت أثناء نكسة 67 حيث أسهم إعلام النكسة فى ذلك الوقت فى صنع جسر
من عدم الثقة بين الشعب والحكومة.
وبناء على دراسة هذه الأخطاء قررت أن يكون
إعلامنا فى حرب 6 أكتوبر 73 مختلفا تماما عن إعلام 67. إعلاما يعيد الثقة بين الشعب
والحكومة ويزيل كل السلبيات الماضية ويكون مرجعا ومصدر ثقة كل وسائل الإعلام فى
مختلف أنحاء العالم ويكون إعلاما صادقا نعود إليه كمرجع موثوق عند أى خلاف بينه
وبين جهات أخرى خارج مصر.. هذه هى عودة الثقة لإعلامنا المصرى.
* نريد أن
تذكّرنا ببعض المواقف المهمة التى أعادت الثقة فى إعلامنا المصرى؟
** عندما
أبلغنى المشير أحمد إسماعيل رحمه الله بأن قواتنا المصرية كبدت العدو خسائر فادحة
فى معركة الدبابات وأن العدو خسر فى هذه المعركة 70 دبابة وسمعت إذاعة إسرائيل تذيع
خبرا عن هذه المعركة بالذات توضح فيه أنها خسرت خمسين دبابة أصدرت تعليماتى فى
الحال إلى رئيس الإذاعة ليذيع بيانا بأن قواتنا المسلحة دمرت ثلاثين دبابة للعدو فى
معركة الدبابات وتمت إذاعته وبعدها مباشرة اتصل بى المشير أحمد إسماعيل رحمه الله
ليقول لى إنه استمع من إذاعتنا لخبر معركة الدبابات وأخبرته بأن ما يقوله صحيح
بالفعل ولكن هدفنا من إذاعة الثلاثين دبابة فقط رغم إعلان إسرائيل بأنها خسرت خمسين
دبابة فى هذه المعركة هو سعينا لاسترداد ثقة العالم فى مصداقية الإعلام المصرى.
فبرغم ما أذاعته كل أجهزة الإعلام العالمية فى هذه المعركة فإن الإعلام المصرى
اكتسب مصداقية العالم كله. وبذلك استطعنا استرداد ثقة العالم فى إعلامنا وأن
إسرائيل هى التى تذيع الأكاذيب.
وكان العالم قد اكتشف كذبها عندما أذاعت من قبل
أنها هشّمت عظام المصريين، بينما نحن حطمنا خط بارليف ورفعنا العلم المصرى فى مواقع
عديدة على أرض سيناء وأسرنا عددا كبيرا من الجنود الإسرائيليين بينهم عساف ياجورى
ولم نذع هذا الخبر إلا بعد أن أذاعته أجهزة الإعلام العالمية.
* ما هى قصة
الإذاعة العبرية وما دورها أثناء المعركة؟!
** عندما قررت إنشاء الإذاعة العبرية
كان هدفى من وراء إنشائها أن تصل إلينا أخبار إسرائيل وأن نقدم لها أخبارنا بما
تتضمنه من تعتيم وتضليل إعلامى وما نخفيه عن إسرائيل من استعدادنا لقيام الحرب أو
أننا سندخل المعركة، بل نريد أن نوهم إسرائيل بأن قواتنا المسلحة فى حالة استرخاء
تام وإحباط ويأس بعد نكسة 67 وتصور البعض أن مجرد التفكير فى شفائنا من هذه الوعكة
يحتاج إلى مدة طويلة. وقد نجحت الإذاعة العبرية التى لم يعرف أحد مكانها ولا من أية
دولة تبث إرسالها فى تحقيق رسالتنا الإعلامية وقد استهدفت شريحة كبيرة من الشباب
الإسرائيلى وكانت تركز على أمر مهم وهو أن مصر تكره الحرب وتعتبرها إثما كبيرا وقد
حرّمتها كل الأديان السماوية من يهودية ومسيحية وإسلام.. وكانت إسرائيل قد أعلنت عن
قيامها بمناورة عسكرية فى سيناء المحتلة وكان من المفترض أن يصدر بيان عن مصر أو
أخبار عن رد فعلنا عن هذه المناورة. وكان ردنا كما أذكر سلبيا للغاية فقد تجاهلنا
هذه المناورة تماما ولم يصدر عنا أى تعليق بشأنها فى جميع وسائلنا الإعلامية رغم
استمرارها لمدة أسبوعين وعلى مرآى من قواتنا غرب القناة. وكان لهذا التجاهل
والتضليل أثره الكبير فى خداع إسرائيل وتأكدها بأننا شعب لا يريد الحرب وأننا
عاجزون تماما عن القيام بأى عمل عسكرى فى هذه الفترة وهو ما أكدته الإذاعة العبرية
من خلال أقوال السياسيين والعسكريين ليس فى مصر وحدها بل فى كثير من دول العالم ومن
بعض أصدقاء إسرائيل نفسها، كما أوضحت الإذاعة العبرية من خلال خطتنا الإعلامية فى
التضليل والتعتيم أن العرب عموما لا يعرفون العمل الجماعى ولكنهم يقدرون العمل
الفردى الذى يحقق لهم مصالحهم الخاصة.
* ماذا عن الأغنيات التى تم إنتاجها
وإذاعتها أثناء الحرب؟
** الشعب كله والفنانون.. الجميع كانوا متأثرين بأجواء
ومشاعر الحرب ومنفعلين بالجو العام الذى يستشعره الناس وحاول كل فنان أن يشارك فى
الفرح وأن ينقل مشاعره وفرحه إلى الناس. وأذكر مثالا يؤكد حماسة الجميع للتعبير عن
النصر بطله الموسيقار بليغ حمدى الذى أراد أن يفعل شيئا يعبر به عن شعوره بالفرح
للنصر الذى يتحقق فذهب إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون وفوجئ بليغ بأن الأبواب مغلقة
تنفيذاً لإجراءات الأمن وأصدرت تعليماتى إلى رئيس الإذاعة بالسماح له بالدخول وحضر
إليه الشاعر عبد الرحيم منصور على الفور وكتب بليغ النوتة الموسيقية بالشكل العام
للحن والجملة الموسيقية للكورال المستوحاة من كلمة «بسم الله» التى سمعها بليغ من
خطابات الرئيس وأصوات المذيعين فى بدايات البيانات العسكرية.
وتصدرت جريدة
الأهرام فى اليوم الثانى لنصر أكتوبر فى صفحتها الأولى افتتاحية الكاتب الكبير
توفيق الحكيم بعنوان «عبرنا الهزيمة» وقرأها بليغ حمدى وكتب عبد الرحيم منصور كلمات
«عبرنا الهزيمة.. يا مصر يا عظيمة وباسمك يا بلادى.. تشتد العزيمة باسمك يا بلادى
عدينا القنال باسمك يا حبيتى مصر يا حبيبتى» وتم تسجيلها.
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
اللواء كمال حجاب يروى تفاصيل فتح ثغرات خط بارليف سلاح المهندسين مهّد لعبور 8 آلاف جندى فى ربع ساعة
اللواء كمال حجاب يروى تفاصيل فتح ثغرات خط بارليف سلاح
المهندسين مهّد لعبور 8 آلاف جندى فى ربع ساعة
لم يتوقع أحد أن مصر سوف تغامر بحرب مع إسرائيل
خاصة بعد 67 وإقامة خط بارليف تلك الأسطورة التى روجت لها إسرائيل على كافة
المستويات. وكان الحديث عن الحرب مجرد إرهاصات كما كان أفراد القوات المسلحة
يتساءلون: هل سندخل حربا مع اليهود أم لا؟ رغم أنهم كانوا يعيشون الحرب قبل أن تحدث
فى محاولة للوصول إلى الدقة المتناهية..
هكذا بدأ اللواء أركان حرب كمال حجاب
حديثه معنا عن ذكرياته مع حرب أكتوبر، حيث قال: استمرت القوات المصرية فى التدريب
بعد هزيمة 67 وعقب اتخاذ قرار الحرب تم رفع درجة الاستعداد فى سلاح المهندسين من
أجل تمكين قواتنا من عبور خط بارليف.
وأضاف: بدأنا التدريب بعد التوصل إلى فكرة
استخدام مضخات المياه لفتح ثغرات فى الساتر الترابى وكان معى بجميع التدريبات جندى
يدعى عبد الموجود وعندما وصلنا إلى زمن قياسى فى فتح الثغرات قام عبد الموجود
بتوزيع الشربات على زملائه فرحا بما وصلت إليه التدريبات التى استمرت حتى قبيل
الحرب بأيام.
وفى يوم 5 أكتوبر جاءت إلينا التعليمات وكنت فى ذلك الوقت برتبة
عميد وقائد لواء المهندسين بالجيش الثانى الميدانى فأخطرت قادة الكتائب ثم قرأنا
الفاتحة وتمنينا جميعا أن يكون النصر حليفنا فى اليوم التالى وأن يوفقنا الله فى
تنفيذ المهام التى تم تكليفنا بها.
وفى صباح يوم السادس من أكتوبر كان أمامنا
أمران يجب إنجازهما قبل المعركة وهما: تحريك وحداتنا قبل بدء الهجوم والاشتراك فى
خطة الخداع الاستراتيجى وبالفعل فى الصباح الباكر تحركت الكتائب والفصائل والسرايا
المكلفة بفتح الثغرات فى الساتر الترابى إلى أوضاعها النهائية غرب القناة وبدء
تنفيذ خطة الخداع من خلال مجموعات، كما كانت الطائرات تمر فوق رؤوسنا فلم أشاهد
طائرات حربية تنخفض حتى هذا المستوى من قبل وهو ما يدل على ارتفاع مستوى التدريب
القتالى لدى الطيارين.
عزيمة الرجال
ويواصل اللواء كمال حجاب حديثه قائلا:
أثناء مرورى على القوات للاطمئنان عليها ورفع الروح المعنوية لدى الجنود وجدت
الجندى عبد الموجود فى أحد الخنادق قلت له «إيه رأيك ترجع» فرد وهو مجمد عادى كان
يقضى فترة الخدمة قائلا: لن أرجع حتى لو طلبت منى ذلك.. فى هذه اللحظة أدركت أننا
سننتصر بإذن الله لارتفاع الروح المعنوية للجنود والتى رفعت معنوياتى أيضا.
وفى
تمام الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر وبعد عودة الطيران المصرى
من الضفة الغربية بدأت قوات المهندسين فى إنزال القوارب الخاصة بها للقناة وبدأ
الجنود فى تثبيت الطلمبات وتوجيهها إلى الساتر الترابى واستمر عمل الجنود
المهندسين، وكان محددا لكل ثغرة فصيلة كل ثلاث ساعات وفتحت الفرقة 18 بالجيش الثانى
الثغرة الأولى ثم عبر القادة فى الموجة الثالثة والرابعة.
وتم وضع علامات تستدل
بها قوات المشاة وعبر 8 آلاف عسكرى القناة بعد ربع ساعة من إعلان الحرب واستمر بعد
ذلك العبور وتسلق الجنود الساتر الترابى ووصلت إلى النقاط القوية للعدو وبدأ الجنود
المهندسين فى فتح ثغرات فى الأسلاك الشائكة وموانع الألغام عبر جنودنا للأمام من
الخلف ثم عبر جنودنا للأمام لاكتشاف أى حقول ألغام أو موانع من العمق وفتح ثغرات
للدبابات لكى تمر.
استشهاد عبد الموجود
ويتوقف اللواء كمال حجاب قليلا فقد
استعادت ذاكرته حدثا لا يفارق ذهنه يسرده قائلا: بعد العبور كنت أمر على القوات
والتقيت الفصيلة التى بها (عبد الموجود) وقلت له (شد حيلك يا عبد الموجود) قال لى
(الشدة على الله يا فندم) بصوت ملىء بنشوة النصر، ولم أكن أعلم أن هذا آخر حديث لىّ
معه وعند مرورى مرة أخرى لتفقد باقى الفصائل لم أجد عبد الموجود، فقد استشهد ووجدت
زملاءه قد احتلوا مكانه ويعملون بهمة لإنجاز المهمة المكلفين بها، وأتوقف كثيرا مع
نفسى كلما تذكرت هذا الجندى الذى كان يعتبر فتح الثغرة نصرا له شخصيا.
ويضيف
اللواء حجاب: عندما تم التخطيط للحرب تم تغيير تصميم جاكت الجندى حتى يتمكن من حمل
العديد من المؤن والأسلحة والذخيرة بسهولة فى المعركة وعبر كل جندى القناة وهو يحمل
لغمين فى الجاكت تم وضعها فى «شونة» مخصصة للألغام وعندما ينتهى الغرض الذى زرعت من
أجله يتم رفعها ونقلها إلى خطوط أمامية جديدة.
ثم بدأنا إنشاء مراكز قيادة
للألوية والفرق وحمايتها من نيران العدو البرية والجوية. بعد ذلك قامت وحدات
المهندسين كبارى بتركيب المعديات وعبرت عليها الأسلحة الثقيلة والقواذف والمركبات
وعربات الذخيرة.
كما تم تركيب كبارى قبل موعدها بثلاث ساعات وكان لها دور مهم فى
صد هجمات العدو مثل كوبرى الفردان الذى كانت تمر عليه خراطيم مياه الشرب وكان هناك
«واير» من الجانبين لشد الكوبرى فوجدنا «الواير» قد تعطل وكنا بالليل.. قلت للجنود
«فيه حد فيكم بيعوم يا ولاد».. سكتوا جميعا فقلت لهم: «أنا بأعوم وسوف أنزل فى
المياه ثم تشدو (الواير) وتتركوه مرة واحدة وسوف أرفع بكتفى (الواير)»، وبالفعل
ارتفع عن القضيب 5سم وكررنا هذه العملية 6 مرات حتى أصبح «الواير» حرا وتم شد
الكوبرى ثم أصبت بنزلة شعبية فى منتصف ليل العاشر من أكتوبر طلب منى الطبيب الراحة
وبعد تناول الدواء واصلت العمل للحفاظ على معنويات الجنود، ومازالت أذكر منظر
الجنود وهم يتسلقون الساتر الترابى ويحملون سلالم الحبال.
واختتم اللواء حجاب
حديثه بانتقادات إلى الذين لم يُخْرِجوا المعركة بالشكل الذى يُظْهِر شجاعة وجرأة
الجنود والقادة المصريين.
المهندسين مهّد لعبور 8 آلاف جندى فى ربع ساعة
لم يتوقع أحد أن مصر سوف تغامر بحرب مع إسرائيل
خاصة بعد 67 وإقامة خط بارليف تلك الأسطورة التى روجت لها إسرائيل على كافة
المستويات. وكان الحديث عن الحرب مجرد إرهاصات كما كان أفراد القوات المسلحة
يتساءلون: هل سندخل حربا مع اليهود أم لا؟ رغم أنهم كانوا يعيشون الحرب قبل أن تحدث
فى محاولة للوصول إلى الدقة المتناهية..
هكذا بدأ اللواء أركان حرب كمال حجاب
حديثه معنا عن ذكرياته مع حرب أكتوبر، حيث قال: استمرت القوات المصرية فى التدريب
بعد هزيمة 67 وعقب اتخاذ قرار الحرب تم رفع درجة الاستعداد فى سلاح المهندسين من
أجل تمكين قواتنا من عبور خط بارليف.
وأضاف: بدأنا التدريب بعد التوصل إلى فكرة
استخدام مضخات المياه لفتح ثغرات فى الساتر الترابى وكان معى بجميع التدريبات جندى
يدعى عبد الموجود وعندما وصلنا إلى زمن قياسى فى فتح الثغرات قام عبد الموجود
بتوزيع الشربات على زملائه فرحا بما وصلت إليه التدريبات التى استمرت حتى قبيل
الحرب بأيام.
وفى يوم 5 أكتوبر جاءت إلينا التعليمات وكنت فى ذلك الوقت برتبة
عميد وقائد لواء المهندسين بالجيش الثانى الميدانى فأخطرت قادة الكتائب ثم قرأنا
الفاتحة وتمنينا جميعا أن يكون النصر حليفنا فى اليوم التالى وأن يوفقنا الله فى
تنفيذ المهام التى تم تكليفنا بها.
وفى صباح يوم السادس من أكتوبر كان أمامنا
أمران يجب إنجازهما قبل المعركة وهما: تحريك وحداتنا قبل بدء الهجوم والاشتراك فى
خطة الخداع الاستراتيجى وبالفعل فى الصباح الباكر تحركت الكتائب والفصائل والسرايا
المكلفة بفتح الثغرات فى الساتر الترابى إلى أوضاعها النهائية غرب القناة وبدء
تنفيذ خطة الخداع من خلال مجموعات، كما كانت الطائرات تمر فوق رؤوسنا فلم أشاهد
طائرات حربية تنخفض حتى هذا المستوى من قبل وهو ما يدل على ارتفاع مستوى التدريب
القتالى لدى الطيارين.
عزيمة الرجال
ويواصل اللواء كمال حجاب حديثه قائلا:
أثناء مرورى على القوات للاطمئنان عليها ورفع الروح المعنوية لدى الجنود وجدت
الجندى عبد الموجود فى أحد الخنادق قلت له «إيه رأيك ترجع» فرد وهو مجمد عادى كان
يقضى فترة الخدمة قائلا: لن أرجع حتى لو طلبت منى ذلك.. فى هذه اللحظة أدركت أننا
سننتصر بإذن الله لارتفاع الروح المعنوية للجنود والتى رفعت معنوياتى أيضا.
وفى
تمام الساعة الثانية والنصف بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر وبعد عودة الطيران المصرى
من الضفة الغربية بدأت قوات المهندسين فى إنزال القوارب الخاصة بها للقناة وبدأ
الجنود فى تثبيت الطلمبات وتوجيهها إلى الساتر الترابى واستمر عمل الجنود
المهندسين، وكان محددا لكل ثغرة فصيلة كل ثلاث ساعات وفتحت الفرقة 18 بالجيش الثانى
الثغرة الأولى ثم عبر القادة فى الموجة الثالثة والرابعة.
وتم وضع علامات تستدل
بها قوات المشاة وعبر 8 آلاف عسكرى القناة بعد ربع ساعة من إعلان الحرب واستمر بعد
ذلك العبور وتسلق الجنود الساتر الترابى ووصلت إلى النقاط القوية للعدو وبدأ الجنود
المهندسين فى فتح ثغرات فى الأسلاك الشائكة وموانع الألغام عبر جنودنا للأمام من
الخلف ثم عبر جنودنا للأمام لاكتشاف أى حقول ألغام أو موانع من العمق وفتح ثغرات
للدبابات لكى تمر.
استشهاد عبد الموجود
ويتوقف اللواء كمال حجاب قليلا فقد
استعادت ذاكرته حدثا لا يفارق ذهنه يسرده قائلا: بعد العبور كنت أمر على القوات
والتقيت الفصيلة التى بها (عبد الموجود) وقلت له (شد حيلك يا عبد الموجود) قال لى
(الشدة على الله يا فندم) بصوت ملىء بنشوة النصر، ولم أكن أعلم أن هذا آخر حديث لىّ
معه وعند مرورى مرة أخرى لتفقد باقى الفصائل لم أجد عبد الموجود، فقد استشهد ووجدت
زملاءه قد احتلوا مكانه ويعملون بهمة لإنجاز المهمة المكلفين بها، وأتوقف كثيرا مع
نفسى كلما تذكرت هذا الجندى الذى كان يعتبر فتح الثغرة نصرا له شخصيا.
ويضيف
اللواء حجاب: عندما تم التخطيط للحرب تم تغيير تصميم جاكت الجندى حتى يتمكن من حمل
العديد من المؤن والأسلحة والذخيرة بسهولة فى المعركة وعبر كل جندى القناة وهو يحمل
لغمين فى الجاكت تم وضعها فى «شونة» مخصصة للألغام وعندما ينتهى الغرض الذى زرعت من
أجله يتم رفعها ونقلها إلى خطوط أمامية جديدة.
ثم بدأنا إنشاء مراكز قيادة
للألوية والفرق وحمايتها من نيران العدو البرية والجوية. بعد ذلك قامت وحدات
المهندسين كبارى بتركيب المعديات وعبرت عليها الأسلحة الثقيلة والقواذف والمركبات
وعربات الذخيرة.
كما تم تركيب كبارى قبل موعدها بثلاث ساعات وكان لها دور مهم فى
صد هجمات العدو مثل كوبرى الفردان الذى كانت تمر عليه خراطيم مياه الشرب وكان هناك
«واير» من الجانبين لشد الكوبرى فوجدنا «الواير» قد تعطل وكنا بالليل.. قلت للجنود
«فيه حد فيكم بيعوم يا ولاد».. سكتوا جميعا فقلت لهم: «أنا بأعوم وسوف أنزل فى
المياه ثم تشدو (الواير) وتتركوه مرة واحدة وسوف أرفع بكتفى (الواير)»، وبالفعل
ارتفع عن القضيب 5سم وكررنا هذه العملية 6 مرات حتى أصبح «الواير» حرا وتم شد
الكوبرى ثم أصبت بنزلة شعبية فى منتصف ليل العاشر من أكتوبر طلب منى الطبيب الراحة
وبعد تناول الدواء واصلت العمل للحفاظ على معنويات الجنود، ومازالت أذكر منظر
الجنود وهم يتسلقون الساتر الترابى ويحملون سلالم الحبال.
واختتم اللواء حجاب
حديثه بانتقادات إلى الذين لم يُخْرِجوا المعركة بالشكل الذى يُظْهِر شجاعة وجرأة
الجنود والقادة المصريين.
المهذب- عضو ذهبي
- رقم العضوية : 8
عدد المساهمات : 1344
نقاط : 2596
تاريخ التسجيل : 02/05/2011
الموقع : مصر ام الدنيا
مواضيع مماثلة
» من ابطال اكتوبر
» ملف كامل عن حرب اكتوبر 73
» الاهلي جاهز لقطف القطن بالخطة السرية ( ابطال افريقيا)
» موضوع: احمد عرابى المصرى : هذا تقريرى عن الحوادث التى حصلت فى مصر من تاريخ يناير سنة 1881 لغاية شهر اكتوبر سنة 1882
» ملف كامل عن حرب اكتوبر 73
» الاهلي جاهز لقطف القطن بالخطة السرية ( ابطال افريقيا)
» موضوع: احمد عرابى المصرى : هذا تقريرى عن الحوادث التى حصلت فى مصر من تاريخ يناير سنة 1881 لغاية شهر اكتوبر سنة 1882
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى