من غير ليه سيدة أحبت مصر

**المهذب** الثلاثاء يوليو 05, 2011 3:42 pm

من غير ليه
سيدة أحبت مصر
محمــد العـزبى

[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة] نودع باحترام عالمة آثار ماتت وهى تقترب من المائة عام سوف تعيش دائما فى قلوبنا بما ادته فى خدمة غالية لتاريخ مصر.
اسمها «كريستيان نوبل كورت» استهواها كشف «كارتر» لمقبرة توت عنخ آمون فى العشرينيات من القرن الماضى، فتفرغت لدراسة الآثار الفرعونية على الطبيعة وفى جامعة «السوربون».. واشتركت فى حفريات بصعيد مصر بعد أن التحقت بمتحف «اللوفر».
غير ان أهم ما قامت به هو حماسها لانقاذ آثار النوبة التى كادت أن تغرق تماما فى مياه النيل مع إقامة السد العالى.. وكان تعاونها مع الدكتور «ثروت عكاشة» منذ كان سفيرا فى فرنسا ووزيرا للثقافة اطال الله عمره على قدر عطائه واخلاصه، نموذجا لخدمة الإنسانية.. مع ما قدمه العالم كله من مساعدات وأموال، ومن تفانوا بحماس من العلماء والفنيين والعمال المصريين.
كانت النتيجة ان بقى لنا «معبد أبو سمبل» «وفيله» وبيت «الوالى» وعشرات من الآثار الخالدة كان مصيرها الغرق فى اليم.
ما تحقق معجزة.
عندما تقدمت عالمة الآثار الفرنسية بندائها لانقاذ آثار النوبة تحمس وزير ثقافة فرنسا الاديب الشهير «اندريه مالرو».. ولعلها كانت فرصة سياسية كى تعود العلاقات الطيبة مع مصر بعد أن تأثرت باشتراك فرنسا بالعدوان الثلاثى على مصر وحربها ضد الشعب الجزائرى.
واشرف «اليونيسكو» على تسجيل الآثار المهددة بالغرق .
وفك الاحجار لتجميعها مرة أخرى فى الأماكن الآمنة التى تنقل إليها وهو ما استغرق عشرين عاما كاملة لانقاذ اربعة عشر معبدا.
بدعم من خمسين دولة أهدت مصر لعدد منهم - عرفانا بما قدموه معابد فرعونية نقلتها إلى متاحفها، رأيت احدها شامخا فى «المتروبوليتان» بمدينة نيويورك.
لم تسلم كريستيان نوبل كورت من انتقاد شديد من جانب الآثريين المصريين يتهمها بانها افسدت مومياء رمسيس الثانى عندما نقلتها إلى باريس للكشف عنها وترميمها وتتدخل السياسة لتقول بأنها اختارت رمسيس بالذات لانه الفرعون الذى حارب اليهود واخرجهم من مصر أيام النبى «موسى» ولو انه ليس مؤكدا انه فرعون الخروج.
على مستوى الوطن اشتركت العالمة الاثرية فى اعمال المقاومة ضد النازى أيام الحرب العالمية الثانية واحتلال الألمان باريس.. وكان دورها هو اخفاء الآثار المصرية الموجودة فى «اللوفور» ونقلها إلى المناطق المحررة حتى لا تقع فى يد الألمان.
جرى ذلك قبل سنوات طويلة من حديث نهب وتخريب والتجارة فى آثارنا يقوم بها ابناء الوطن بل حكامه.. وسواء كانت اشاعات أم مبالغات ام تصفية حسابات فان الشكوك كثيرة حول سرقات تمت ومازالت وان قطعا نادرة اختفت وتاهت.. بينما تبقى عظمة الفراعنة شامخة فى أرض النوبة، انقذتها عالمة فرنسية ووزير مثقف مصرى، والعالم كله.
عندما ماتت قبل ايام وصفها ساركوزى رئيس جمهورية فرنسا بأنها «سيدة النيل العظيمة».
ويا أيها الاثريون المصريون الذين لم تذكروها ولو بكلمة رثاء هل كانت عالمة احبت مصر أم استغلتها؟.. وهل كانت ملاكا أم شيطانا فى ثوب امرأة؟!